السبت، 18 فبراير 2012

غانم السليطي


يرى أن المستقبل للبلد العربي الواحد
السليطي لـ"الدار": الفنانين أساءوا لجوهر الفن بالسفالة والسقوط والإستسهال
·       قدمت أربع أجزاء من "فايز التوش" تم إيقافها جميعا من قبل الرقابة
·       المسرح يناقد السلطان وكلنا أمل في التغيرات الطارئه على الوطن العربي
·       الماغوط قال في "لا أريد قردا أخر يقفز فوق كتفي"
·       الفن وسيلة  وجلست في البيت لأعوام لأني لا أجد النص المقنع
·       لا توجد ضحكة تخرج بدون ألم وبطبيعتي أتجه للبلاك كوميدي
ياسر صديق – سارة السلاموني
قطري الجنسية بحريني المولد كويتي النزعة مصري الهوى...كلها بلاد ساهمت في تشكيل وجدانه الفني والأدبي...هو فنان بدرجة أديب...ومتواضع بأخلاق الفارس...يضحك وصوته يحمل من الشجن الكثير...كثير التعظيم والتفخيم لأساتذته...له نظرة فلسفية تستحق التأمل والتوقف عندها ....الفنان غانم السليطي...الذي يعرض له حاليا مسرحية "عنبر و11 سبتمبر" جريدة الدار إلتقته وكان لها معه هذا الحوار:

نظرة سريعة على مسيرة غانم السلطان الفنية...ماذا تقول؟
البداية كانت البيت وكنت شغوفا بالتقليد وأصطياد الحركة والكلام للجيران ، ربتني جدتي وتوفي والدي وعمري عام ، وفي المدرسة إلتقطني مدرس لغة عربية لأقدم في ميكروفون الصباح مسرحيات وأول ما قدمت كانت مسرحية لأحمد شوقي وفي الثانوية ذهبت إلى دار المعلمين لأنها الجهة الوحيدة التي تملك أول فرقة مسرحية وهي فرقة دار المعلمين في قطر وقدمت أول مسرحية هناك ثم إنبثق عنها فرقة المسرح القطري والتي إعتمدتها وزارة الإعلام ، ووقتها رفضتني اللجنة المعتمدة بحجة أنني لا أجيد التمثيل لكنني لم أيأس وإلتحقت بفرقة نادي السد وأنشأنا فرقة مسرح السد والتي توجد حتى الأن تحت مسمى فرقة الدوحة وقدمت أول مسرحية وقتها  وهي "بيت الأشباح" من ثلاثة فصول وبعنصر نسائي في ملعب كرة قدم وكان ذلك كله جديدا على المجتمع القطري ووقتها حضر وزير الإعلام وشاهدني وطلب مني الإلتحاق بمعهد الفنون المسرحية في الكويت لكن اللجنة القادمة من الكويت رشحتني للمعهد بقسم النقد وليس التمثيل فغيرت إتجاهي من الكويت للقاهرة ووصلت يوم وفاة أم كلثوم وهناك قابلت عميد المعهد الفنان جلال الشرقاوي وكان متعاطفا معي إلى حد كبير ونجحت ضمن 18 طالبا من 750 تقدموا للإمتحان إلا أن فوجئت بتوقف أوراقي فذهبت إلى العميد والذي أخبرني أنني أصبحت ضمن طلبة قسم النقد.
حدثني قليلا عن مسلسل "فايز التوش"؟
حكومة قطر إستعانت بمستشار في الدراما وهو الاستاذ الكبير عاصم توفيق والذي أراه معهدا مستقلا بذاته وأستفدت منه كثيرا وكان لي معه موقف لا أنساه إذ إعطاني يوما نصا لأقرأه وكان بعنوان "عودة مغترب" ولم يعجبني الأسم وطلبت منه تغيير الإسم ليصبح عنوان الفيلم الشهير "عودة مواطن" ، وهو أيضا كاتب المسلسل المصري الشهير "القاهرة والناس" وتأثرا بهذا المسلسل كتبت المسلسل الإجتماعي الكوميدي الناقد "فايز التوش" عام 84 ولكنه أوقف رقابيا في منتصفه وقدمت الجزء الثاني عام 85 وأوقف أيضا في الحلقة 22 وقدمت الجزء الثالق عام 89 وأوقف أيضا والرابع عام 99 وأوقف رقابيا وذلك لسخونة الطرح وتماشيه مع الأحداث.
هل ترى أن وطأة الرقابة واحدة في كل المجتمعات العربية؟
الذوق واحد بلا شك ، والموقف من المسرح موقف واحد في كل الدول العربية ، والمسلمين لما ترجموا الطب والحكمة من بلاد العالم المتقدم ترجموا كل شيء إلا المسرح لأنه يناقد السلطان لكن كلنا أمل في التغيرات السياسية الطارئه على الوطن العربي وأمريكا بغبائها لو قارئة جيدة للمسرح العربي لخمنت إنهيار البرجين ، والرقابة لا تهتم بحذف العبارات بقدر ما إهتمامها بشراء الرأس والفكر وفن المسرح فن المحاكاة وهو أول درس علمه الله للبشرية عن طريق حكاية الغرابين التي علم بها الأنسان كيفية دفن الموتى ، ولكن الفنانين أساءوا لجوهر الفن تحت مسمى السفالة والسقوط والإستسهال فهم لا يدركون أنهم يعملون في بقعة مقدسة والفن يخلق الحياة البديلة والمثالية ومن يمتهن الفن يجب أن يكون لديه الوعي الكافي لذلك.
أنت قطري ولدت في البحرين ودرست في الكويت والقاهرة...هل ساعد ذلك على تشكيل وجدانك فنيا؟
بدون شك نعم ...ونحن تربية جيل عروبي وفكرة المد القومي وانا مؤمن أن الحدود بين العربي حدود لا تراها العين وملغية في الرأس لكن الأنظمة تعشق الكرسي والمستقبل للبلد العربي الواحد.
كيف يرى الفنان غانم السليطي الفن بعد كل تلك السنوات؟
الفن وسيلة  لذلك جلست في البيت لأعوام لأني لا أجد النص المقنع وانا أستسخف من يقول أنني يجب أن أظل أمثل حتى لا ينساني الجمهور ، وانا أرى أنه لا خير في فن لا يطور أو يغير والفنان عليه أن يوضح عيون المجتمع وتعريته وليس مسؤولا عن المعالجة وانا أشبه الفنان بالغواص في البحر لتنقيته ، والفن يخلق حالة توازن عند المتلقي وأيضا عن الفنان والكاتب هو مريض بعصاب إيجابي أو البكتيريا الإيجابية للمجتمع .

أنت فنان صنفت على أنك كوميدي...لماذا هذا الشجن في صوتك إذا؟
لا توجد ضحكة تخرج بدون ألم وأنا بطبيعتي أتجه للبلاك كوميدي والكوميديا فلسفة قبل كل شيء بل هي فلسفة حزينة أيضا ، وأجمل الكوميديا التي تقدم من فنان موجوع لأن أحزانه صهرته لذلك تجد أن الماس أثمن الجواهر لأنه تعرض لأكبر قدر من الإنصهار.
تعرضت لأكثر من موقف صعب أخرهم وفاة إبنك محمد...من أين تأتي بهذا التماسك؟
إيماني بالله وقدره كبير وأنا في الأساس خريج معهد ديني ، ودعني أخبرك بأن إبنتي تعمل في مؤسسة في قطر ويعمل معها أمريكي ، ووقت وفاة محمد جاء زميلها الأمريكي وسألها عن كيفية تماسكها فأخبرتها أن السبب هو إيمانها الشديد بالله..فأسلم الرجل.
الفنانين الذين أثروا في غانم السليطي؟
الأسلوب هو ما يؤثر في وليس آلية التمثيل وتعجبني تركيبة محمد صبحي وتفكيره والكاتب السوري محمد الماغوط الذي تأثرت به وأحببته كأنسان وسافرت وجلست معه كثيرا وتمنيت لو قدمت عملا من كتابته إلا أنه قال لي جملة قاطعة وهي" لا أريد ان أقدم قردا أخر يتقافز على كتفي...وكان يقصد بالقرد الأول الفنان السوري دريد لحام" .
درجة تواضع غانم السليطي تدهش جمهور المسرح...أخلاق الفن ملتصقة بموهبته؟
نعم بالتأكيد وانا لا أهتم بوضع أسمي على الأفيش وكثيرا طالبت ألا يضعوا إسمي فأنا أول ما يهمني ماذا سأقدم ، وانا وفي مع نفسي للتاريخ وأنزلوا الناس منازلهم فأنا لا أنسى دور القديم سعد الفرج والنجم عبد الحسين عبد الرضا والقدير عاصم توفيق.
ماذا تمثل لك مسرحية عنبر و11 سبتمبر؟
كنوز الأرض لا تعادل حبي لهذا العمل ف"عنبر و11 سبتمبر" أعادت تأهيلي للمسرح جسديا بعد أكثر من 7 عمليات جراحية في فقرات الظهر كان تهدد وقوفي على الخشبة لكني والحمد لله ما زلت قادرا على العطاء.