الجمعة، 26 أغسطس 2011

إهداء إلى روح والدي الراحل...قصيدة أبي...شعر نزار قباني ...أداء تيم حسن

أنا وصديقي 7

أربعون يوما مضت على وفاته...ومازال صديقي لا يصدق
لم يكن صديقي شديد التعلق بوالده يوما،بل لم يكن حتى متعلق بوالده بدون شدة...كبر صديقي وله من الأخوة ثلاثة ومن الأخوات إثنتين....وأم تقطر حبا في كل كلمة ولفته وإيماءة من رأسها النبيل،وأب سلطوي النزعة متحجر الأفكار أكسبته طبيعة نشأته العسكرية وتربيته الجافة وإنخراطه في جو التدين المبالغ فيه نوعا نادرا من القسوة والجفوة التي باعدت بينه وبين صديقي مسافات فكرية طويلة....هكذا كان صديقي يرى والده دائما.
كان والد صديقي ممن وقعوا في فخ التفرقة بين الأبناء...كان يمارس ذلك التصرف دائما،ورغم أن صديقي كان دائما في الجانب المدلل على حساب إخوته إلا أنه كان دائما يكره تلك النزعة المتطرفة المشاعر في والده...بل لم يكن يفهمها...كيف لأب أن يرى أن إبنه هذا أقرب إليه من الأخر...ويعبر عن ذلك ويفصح عنه ضاربا بمشاعر الأبن الأخر عرض الحائط...وكبر صديقي...وكان كلما كبر زادت الفجوة الإنسانية بينه وبين والده....خاصة عندما كان يراه يمارس قسوته وغلظته على أمه فيكيل له أنواع شتى من الإهانات تحملتها الأم من باب تطبيق المقولة المبتذلة المعروفة منذ القدم "أستحمل عشان الأولاد"....وعندما شب صديقي عن الطوق وأصبح شابا....أدرك خطورة ما فعله والده عندما فرق بين إخوته وهم صغارا...لقد بنى كل منهم عالما خاصا به مبتعدا عن أخاه...كلهم تشاركوا في جفوتهم نحو والدهم...وتعاطفهم مع أمهم...حمل كل منهم عقدة ما ناحية الأب...كل حسب تركيبته النفسية...وأغلق عليه بابه...وأبتعد...إبتعد كل منهم كثيرا عن الأخر حتى أن البيت الواحد ضاق بهم جميعا....ولولا الأم الحنون....لتفرقوا منذ زمن بعيد....وأصبح صديقي شابا يافعا...تلقى ما إستطاعت يداه أن تقتنصه من التعليم...ثم واتته فرصة السفر ....لم تكن فرصة سفر عادية...بل كانت قصة حب جرته جرا وجذبته جذبا خارج وطنه....نستطيع القول أنها قصة حب من جزأين كالمسلسلات...جزأ عاشه صديقي داخل مصر...وجزأ قرر أن يعيشه خارج مصر...وسافر صديقي إلى هنا...إلى حيث عرفته وصادقته وأحببته...وساعد السفر على إتساع الفجوة أكثر وأكثر بين والده...لم يعد يراه إلا في الإجازات وكان صديقي قليل  الإجازات...وتزوج صديقي وأنجب إبنته الوحيدة...وبين فترة وأخرى تحدث مكالمة هاتفية بينه وبين والده....كانت المكالمة لا تخرج عن إطار الواجب والأصول وقانون العيب...كانت المكالمة دائما فاترة...لم يكن لدى الأب وصديقي ما يقولانه إلا بعض الجمل المتكررة كالسؤال عن صحة والده وسؤال والده عن أحوال إبنته....ومرت السنين هكذا، وكان أكثر ما يسعده أن سفره هذا جعله بعيدا عن والده....وقلل من حجم التصادم الذي كان يحدث كثيرا بينهما نتيجة عدم تلاقي الإفكار.....ولعبت الدنيا بصديقي بعض الشيء...دبت خلافات كثيرة ومتكررة على مدى سنوات ليست بقليلة بينه وبين زوجته...ترتب عليها إنفصال وطلاق...وعاش صديقي وحيدا...ولا يزال....وإستشعر حينها تعاطفا من والده لأول مرة...ومرت الأيام ويبدو أن طول فترة البعد وسنوات السفر قد غيرت من طريقة تعامل الوالد والإبن على حد سواء...كان الأب يرى أن إبنه أصبح ضيفا...يأتي إلى مصر بعض الوقت ثم يذهب وليس هناك داعي أو سبب لأي صدام...وكان الإبن أيضا يرى أنه يأتي إلى مصر ليقضي بعض الوقت في هدوء وأن والده قد كبر في السن وأي صدام لن يغير أبدا من قناعاته....ومر وقت طويل لم يزور فيها صديقي مصر لأسباب عديدة....وكان والده يتصل به للإطمئنان والسؤال عن أحوال إبنته...
وفي يوم ليس ببعيد...منذ أربعين يوما بالتحديد...إستشعر صديقي أنه يريد أن يتحدث لوالده...ولم يكن بداخله كلمات محدده يريد أن يبلغه إياها...كان يريد أن يحادثه فقط....أخذ الهاتف واتصل به...وجاء صوته مختلفا لأول مرة....كان صوتا متعبا مجهدا مرتعشا يتحدث بصعوبة يهزي بكلمات غير مفهومة...حاول صديقي الإستفسار عن صحته...لكنه لم يتلقى إجابة شافية من والده...ظن صديقي أن الأمر لا يخرج عن كونها نوع من أنواع الحمى....لكن القلق ازداد بداخله....إنتهت المكالمة بينه  وبين والده ...وهو يشعر بإنقباض لم يشعره من قبل....كان يراوده إحساس أن مرض والده ليس ككل مرض...وما هي إلا ساعات قليلة...وجاءه إتصال من شقيقته تقول...عظم الله أجرك لقد توفى والدك...كنت معه في تلك اللحظة ولم أستوعب كيف كان حاله....صمت صديقي صمتا طويلا...طويلا...صمتا أوجعني....لم يبكي...لكن عيناه حملت حزن الدنيا وألم كل العالم....نظر إلي وقال...إن الأعمار بيدي الله وكلنا ذاهبون لكني لم أتصور يوما أن والدي يرحل عن الدنيا بهذا الشكل المفاجيء...لم يكن والدي مريضا...لم يشتكي من شيء...مات في بيته وعلى فراشه...لا أتصور أن أذهب إلى مصر وأدخل البيت وأجد مكانه حيث كان يجلس خاليا...تكلم صديقي كثيرا...كثيرا...مر شريط عمره ومواقفه مع والده الراحل أمام عينه وترك دمعه تحجرت داخل عينيه رافضة النزول على وجنتيه.....مسكين هو صديقي...ها هو يمر أربعون يوما على وفاة والده وهو مازال غير مصدق أن أباه قد رحل...نعم....مسكين هو صديقي...مصائبه لا تاتي فرادى أبدا...في شهور متعاقبة يصاب في حادث يكسر قلبه قبل عظامه...وتختفي الفتاة التي ملأت عليه الدنيا...ويرحل والده...أرى صديقي قويا يستطيع أن يتحمل....لكنه يرى نفسه غير ذلك...أدعو لصديقي أن يلهمه الله الصبر على ما فقد.... ومن فقد.
وما زال للحديث مع صديقي بقية

الأربعاء، 24 أغسطس 2011

"أدم"...عندما تكسر الحبكة الدرامية حاجز المقاطعة

"أدم"...عندما تكسر الحبكة الدرامية حاجز المقاطعة
ياسر صديق
نجاح وفشل مسلسلات رمضان هذا العام تعلقت بنتيجة كنترول "ثورة 25 يناير" ،وجميع الأعمال المقدمة كانت تغازل إما من قريب أو من بعيد ربيع الثورات العربية وهناك الكثير من الأعمال كان سياقها الدرامي يسير في إتجاه يبعد كثيرا عن السياسة وتم إقحام أحداث الثورة فيها إقحاما فجا سخيفا وقد يكون كوميديا ومثيرا للسخرية أيضا،وحسب القوائم السوداء هناك نجوما أضائوا شاشة العرض الرمضانية في الأعوام السابقة إنطفئوا هذا العام  وتراجعوا وأندثرت مسلسلاتهم ولم يلتفت إليها أحد بسبب مواقفهم المخذلة من الثورة والثوار مثل غادة عبد الرزاق وحسن يوسف وطلعت زكريا وعفاف شعيب ... فتصريحاتهم المخزية عن أحداث 25 يناير العظيمة جعلتهم فاقدين المصداقية فيما سيقدمونه بعد ذلك أيا كان حجم الإبداع الذي سيحمله العمل...هم قالوا كلمتهم في الثورة والثوار ...والثوار أصدروا أحكامهم الغير قابلة للإستئناف.
المطرب تامر حسني كان ممن وقعوا في شراك التصريحات المخجلة عن الثورة وكلنا شاهدنا ما تعرض له من إهانة عندما نزل إلى ميدان التحرير ليقنع الثوار بفض التظاهر...الكل شعر بما فيهم تامر حسني نفسه أنه وبعد الثورة قد هوى من قمة نجاحه الذي حصده خلال الإعوام السابقة نتيجة زلة لسانه وجهله بما يدور في مجتمعه.
وعندما أعلنت وسائل الإعلام عن إستعداد تامر لتصوير مسلسل جديد يعرض في رمضان راهن الكل على أن نسبة المشاهدة ستكون صفر وأن مقاطعة أعماله الغنائية والسينمائية ستؤثر حتما على مسلسله القادم حتى أن بعض المقربين نصحوه بتأجيل المسلسل حتى تهدأ الأمور ولكنه أصر على مواصلة التصوير وتم عرض "أدم" في موعده .
جاء العمل مفاجئا للجميع...وكلمة الجميع تعني أن أصحاب القوائم السوداء والبيضاء وكل الألوان جلسوا ليتابعوا ماذا سيقدم المطرب صاحب التصريحات المهدورة والكلمات المشنوقة على أرض الميدان...خاصة وأن هذا أول عمل تلفزيوني للمطرب الذي ظن الجميع أنه كان محبوبا...مسلسل "أدم" كان عاصفا لكل التوقعات...فأداء الممثلين وفي مقدمتهم المطرب تامر حسني مرورا جاء على شكل ماراثون تمثيلي محاكي للواقع بشكل مذهل...والأدهى أن المسلسل لم يلعب على وتر الثورة والثوار ولما يغازل أبطال يناير ، بل تناولت الأحداث قصة شاب بسيط يعمل على دراجة نارية لتوصيل الطلبات للمنازل من أسرة بسيطة توقعه الظروف وحظه التعس في أحداث مريرة تجعله يقف كمتهم وقاتل وإرهابي.
أحداث المسلسل جاءت خفيفة ورشيقة ومتلاحقة وكل حلقة تجعل المشاهد يحبس أنفاسه وينتظر ما سيحدث في الحلقة القادمة.... أداء تامر حسني جاء متسقا ومنسجما مع شخصية الشاب البسيط المقهور المبتسم رغم معاناته وتعرضه لظلم دامس، محمود الجندي نجح في رسم خطوط شخصية الأب الفقير والموظف المتناقض الذي يبرر لنفسه الرشوة ويحلل ما لا يجوز.
مي عز الدين جاء أدائها نمطيا إلا أن باروكة الشعر والملابس أضافا كثيرا من المصداقية على شخصية الفتاة المسيحية الأرستقراطية.
أحمد زاهر بدانتك الواضحة وقصر قامتك تتعارض بشدة مع شخصية ظابط أمن الدولة وإن كانت السماحة وطيبة القلب الغير معهودة على شخصية رجل الأمن جعل المشاهد يتعاطف معك بشدة.
ماجد المصري هو الحصان الأسود خلال أحداث المسلسل ملامحه الحادة وبنيانه القوي وأدائه الثابت طوال الحلقات وعلاقته المذبذبة بزوجته جعلته نموذج لامع لشخصية سيف الحديدي ضابط أمن الدولة السادي القاسي.
درة...ملامحها الرومانسية ساعدها على أداء شخصية حبيبة البطل بشكل مقنع ولكن حذار من الوقوع في فخ النمطية.
قرأت في التترات إسم دينا فؤاد بين أبطال العمل لكنني بحثت عنها طوال الحلقات...ولم أجدها سوى في مسلسل الدالي.
أرى أن الحبكة الدرامية الناجحة والأداء الجيد للمثلين والموسيقى التصويرية البديعة للموسيقار ياسر عبد الرحمن جعلت من مسلسل "أدم" أجمل باقة إعتذار للثوار .

الاثنين، 22 أغسطس 2011

أنا وصديقي 6

"بعد الثامنة"...أصبح الميعاد المفضل لصديقي
قبيل شهر رمضان بشهر أو شهرين كنت كلما سألت صديقي...متى نتقابل؟!!....يجيبني...بعد الثامنة!!!...كان دائما يواعدني بعد الثامنة ولم أكن أعلق على سبب إختياره لهذا التوقيت دون غيره...كان صديقي قد تعافى لتوه من حادث سيارة أطاح به وتسبب له في إصابات عديدة قضى على إثرها ما يقارب الأسبوعين في المستشفى يتلقى علاجه من أثر الكسور والكدمات التي أصابته،وبعد أن من الله عليه ببعض الشفاء وعودته إلى بيته أصبحنا لا نتقابل إلا ليلا....وتحديدا بعد الثامنة...دائما هذا الموعد...
وأثناء خروجي أنا وصديقي من المسجد بعد إنتهائنا من صلاة العشاء والتراويح إقترحت عليه أن نتمشى قليلا بالسيارة في شارع الخليج....صمت قليلا وظهرت على وجه علامات التردد ثم أجابني ...كما تريد...إتجهت بالسيارة ناحية الخليج وصديقي صامت يراقب الطريق بشغف كأنه قد وصل إلى البلاد لتوه ويتفقد ملامحها بعينيه،تحدثنا في أمور شتى سألته عن عمله وسألني عن أحوال زوجتي وأبنتي وأحوال الأهل هناك في مصر....ثم سألت صديقي ضاحكا:لماذا تواعدني دائما بعد الثامنة....إبتسم صديقي إبتسامة هادئة وقال:لهذا الموعد أثر أخر في نفسي....نظرت إليه في حيرة وقلت:أتمنى ولو مرة أن أسألك سؤالا فتأتي إجابتك واضحة صريحة...كيف لهذا الموعد أثر أخر في نفسك!!!!ماذا تقصد؟....تنهد صديقي تنهيدة أعرفها كلما أراد أن يسترسل ويحكي ثم قال في صوت جاء عميقا رغما عنه:أتريد أن تعرف ما أقصد....أجبته في شغف:نعم بالتأكيد....قال:إنطلق بنا في هذا الإتجاه إذن...نظرت إليه في دهشة ولم أفهم الرابط بين سؤالي وتغيير مسار إتجاهنا لكنني طاوعته وإتجهت حيث أشار لي...كنت أقطع الطريق وصديقي صامت تماما إلا من بعض الإرشادات القليلة على الطريق...أرشدني إلى مكان لم أتي إليه من قبل،مكان في وسط المدينة...أو قريب منها...منطقة قديمة إسمها "بنيد القار" لا أعلم عنها غير أنها من المناطق التاريخية التي تكتظ بالشيعة ...لم يكن لي فيها مصلحة أو سبب يجعلني آتي إليها يوما...كانت المنطقة هادئة أكثر مما يجب في مثل أيام رمضان...ولم أفهم بعد ما الرابط بين سؤالي وبين هذه المنطقة...وفي داخل طرق هذه المنطقة الغامضة بالنسبة لي....قال صديقي...أول يمين...دخلت حيث أشار...ثم قال بصوت يغلبه الحماس...هنا...توقف هنا.....توقفت بالسيارة....وألتفت إليه سائلا:ما علاقة هذه المنطقة الغامضة بسؤالي عن ميعاد بعد الثامنة؟؟؟ أجابني صديقي وعينيه تتجه لمكان أخر:إنظر إلى يافطة ذلك الكافيه....نظرت حيث أشار صديقي...كان هناك كافيه يبدو هادئا ومنسجما مع ذلك المكان الأكثر هدوءا...كانت يافطة الكافيه تحمل إسم "أفتر8" ولبعض دقائق لم يستوعب عقلي أو يربط بين الأمرين فعدت لسؤال صديقي:ما عنها؟ أجابني صديقي في صوت هامس كأنه يخشى أن يسمعه أحد:هل قرأت الإسم؟...هنا فقط إستوعبت الأمر...صديقي كان دائما يواعدني بعد الثامنه والكافيه يحمل إسم "أفتر8" نفس المعنى...إلتفت بجسدي كله ناحية صديقي وسألته بفضول بالغ:أتعني أن هناك ما يربط بين ميعادك المفضل وبين إسم هذا الكافيه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ....تعلقت عين صديقي بواجهة الكافيه وبدا لي وكأنه قد غرق في تفكير عميق وأجابني:ها هنا كان بيتنا...ها هنا كنا نحب أن نكون سويا.....نظرت إلى صديقي في دهشة وقلت:هنا أيضا كنتما سويا؟؟؟؟ همس صديقي في صوت خافت:كنا هنا دائما....كل يوم تقريبا...كنا نقضي منتصف يومنا تقريبا هنا...أو يومنا كله...كنا نذهب بعيدا ...إلى العمل أو لشراء ما تريد أو ما أريد ثم نعود إلى حيث نحب أن نكون.....هنا...منذ أن دخلناه أول مرة وقعنا في أسر هدوئه وخصوصيته...كنا نحسه كبيتنا...كنا نتبادل الأحلام هنا...هنا خططنا لكل شيء بيننا...هنا إختلفنا...وأتفقنا...وتخاصمنا ...وتصالحنا...هنا تعالت ضحكاتنا وملأت المكان ....وأرتفع صوتنا غاضبا أحيانا..هنا كان كل شيء...هنا أحتضنت يدي يدها في حب وملكتني عيناها وشغلتني عن كل الدنيا...وهنا خرجت غاضبة وخرجت غاضبا عدة مرات بسبب زلة لسان مني أو حالة غضب تملكتها....كنا نقضي ليل الخميس ويوم الجمعة وكل منا بعيد عن الأخر منشغل بحياة أخرى...ثم يأتي السبت فنأخذ بعضنا ونأتي إلى هنا في لهفة وشوق رغبة منا في تعويض اليومين السابقين.......هنا قضينا أيام الثورة المصرية...نتابع ونحلل ونتكلم بحماس غلب علينا...هنا كنا نقرأ الجريدة سويا كل يوم....هنا كنت أري إبتسامتها الصافية وضحكتها التي كانت تملأ الدنيا حولي فرحا وبهجة...هنا في أفتر8 عرفتني عن قرب وعرفتها بحب...هنا وعدتني ووعدتها....قاطعت صديقي سائلا:متى جئتما هنا سويا أخر مرة؟؟؟ جاء صوته حزينا خافتا وهو يقول:قبل الحادث الذي أصابني بيوم واحد...كنا هنا...كنا في أعلى درجات تعلقنا ببعضنا البعض...كنا نتكلم عن زواجنا...متى؟ وكيف؟ ....
سألت صديقي :إنك لم تخبرني عن إسمها حتى اليوم...ما أسمها؟؟؟ ....نظر إلى صديقي كأنه أفاق من حلم غلب عليه وقال مبتسما :هي سري وانا سرها قد أحكي عنها بحب...أفاخر بها الدنيا وهي تستحق...أحكي عنها وأتذكر مواقفها التي لا تنسى...لكن اسمها...هو حق لها هي لا أستطيع الكشف عنه إلا بإذن منها....نظرت إلى صديقي متعجبا وسألته: أهو أحترام لغيبتها أم غيرة عليها....أجابني صديقي بثقة :الإثنين...هي حبيبتي وإحترامها داخلي يملؤني....ولأنها حبيبتي فمن الطبيعي أن أغار عليها وإن كنت أتمنى لو إستطعت أن أكتب إسمها في كل مكان واملأ به الدنيا كما يملأ عليا سمعي وتردده شفتاي طوال الوقت...........سألت صديقي مشفقا عليه:أتتوقع أن تراها من جديد...أتشعر أن ما بينكما لم ينتهي بعد؟؟؟ نظر إلي صديقي وعيناه تحمل نظرة حانية واجابني:هي حولي طيلة الوقت...ومعي دائما...وأثق تمام الثقة أن ما بيننا باقي ولم ينتهي ولن ينتهي...سيأتي يوما نتجمع فيه ثانية لنكمل ما بدأناه سويا ....قلت لصديقي:الزمن عامل أساسي للنسيان...قد تمضي الايام والشهور والسنين ولا تتقابلا...وإذا ظللت هكذا تفكر بها ستتأثر صحتك ونفسيتك ....نظر صديقي إلى يافطة الكافيه وعيناه تتعلقان بها وأجابني:أتذكر قصة قيس وليلى؟؟؟أجبته مندهشا:لا أعلم تفاصيل القصة ولكن من منا لم يسمع بقصة حب قيس وليلي!!!! قال صديقي:كان الحب قد ألهب مشاعر قيس وكاد أن يوصله إلى الجنون وكان والد ليلي يرفض زواجها من قيس بعد قال فيها الشعر وكان هذا محرم وضد الأعراف القبلية في ذلك الوقت....وأشفق والد قيس على حاله وأشار عليه البعض أن يأخذ قيس إلى الحج لعل وجوده في البيت الحرام وتلك الجرعة الإيمانية يساعدانه على تجاوز أحزانه ....وذهب قيس مع اهله إلى الحج...وعند الحجر الأسود...وقف قيس ووقف والده خلفه يقول:ردد معي يا بني...اللهم أرحمني...وردد قيس...اللهم خد بيدي...وردد قيس خلف أبيه...اللهم أنت أعلم بحالي فكن معي وحولي...وقيس يكرر...ثم قال الأب...اللهم إشفني من حب ليلي....توقف قيس عن الدعاء وأنفجر باكيا وقال...اللهم لا تشفني من حب ليلى.....هكذا كان يخلص لها ويحبها.........ساد بينا صمت ليس بالطويل ثم قولت صديقي مداعبا ومحاولا تخفيف ما بداخله: تذكر أن الحب قد أوصل قيس إلى الجنون....إبتسم صديقي وأجابني :لم ينقصنا الجنون يوما...كنت أنا وهي مثالا حي للجنون...ولهذا أحببتها.....أدرت السيارة لننطلق عائدين وصديقي عيناه لا تزال معلقة بالكافيه..سألته...متي نتقابل؟ أجابني صديقي شاردا............أفتر8.
وما زال للحديث مع صديقي بقية