الخميس، 26 يناير 2012

زخات مطر على جبين الذكريات


زخات مطر على جبين الذكريات
كعادته...وقف الخبير الإستراتيجي د.مازن الرشيدي متأملا السماء التي بدت ملبدة بالغيوم وهو ما أضفى قناعة بداخله أن ثمة أمطار ستهطل بعد قليل...كما تعود...خلف زجاج نافذة مكتبه الأنيق وقف يرقب شاردا...لم يقطع تأمله وشروده إلا صوت الساعي وهو يقول هامسا خشية إزعاجه:دكتور مازن هل ستسهر اليوم أم إنتهيت من عملك؟ إلتفت إليه مازن ولم يكن قد خلص من شروده بعد فوقف يطالعه في صمت ثم أجاب في صوت جاء هامسا:نعم محمد سأغادر الآن فأنا مجهد وأحتاج إلى الراحة.....وأخذ حقيبته الأنيقة ململما أوراقه وقطع الردهة الفاصلة بين مكتبه  والمصعد لتصطدم عيناه بورقة معلقة مكتوب عليها "المصعد معطل" ، مط شفتيه في ضجر وقطع درجات السلم في بطء ....وخارج البناية التي تضم مكتبه في حي الزمالك الراقي...وقف مازن يتأمل السماء...
كانت دائما السماء ملجأ عينه...ومحط يقينه...ومستودع أسراره.... وكان ذلك الطقس الشتوي الضبابي يفعل في نفسه الكثير...كان يعيده إلى الوراء لأكثر من عشرين عاما....تأمل ملامحه في زجاج سيارته وقد كسى الشيب فوديه وألقت السنين رماحها فحفرت في وجهه تجاعيد لم تستطع ان تمحو أثار وسامة قديمة لا زالت تحتفظ بشموخها ...وقرر أن يقطع طريقه إلى البيت سيرا في ظل ذلك الطقس الذي يعشقه....كان بيته في نفس الحي...يبعد مسافة شارعين عن مكتبه...كان يسير في بطء...شاردا ومستمتعا ومتذكرا....أعادته ذكرياته إليها...هي....مريم...ذلك الحب الذي لا يأتي مرتين...كان هو شابا تخرج حديثا من كلية سياسة وإقتصاد بتقدير إمتياز والأمل في سلم وظيفي مرموق يزاحم أفكاره...كان من تلك الطبقة الإجتماعية المتوسطة التي فرمها بلدوزر الفساد السياسي والإجتماعي الذي طحن عظام الجميع ....وهي كانت في السنة النهائية في نفس الكلية...جمعهما الحب...حب جارف...ورغم طبقتها الإجتماعية الرفيعة إلا أنها كانت تراه أكثر الناس ثراءا بذكاءه المتقد وتفوقه الدائم على كل أقرانه...وبحبه لها أيضا...تذكر كيف كان يقضي اليوم معها في ضحك وحديث شجي لا ينقطع....وحديثهما وقت الخصام...كثيرا ما كانا يتخاصما وسرعان ما يتصالحا...كان وقت التشاحن يهاتفها فيأتي صوتها مؤنبا...آلو....فيأتي صوته دافئا: أحبك....فتصمت في دلال ...فيكرر:أحبك...فتكتم ضحكة تكاد تخرج على الرغم منها وتقول في لوم:الآن فقط تذكرت؟....فيضحك مجيبا:لو نسيتك فمن أتذكر؟ ...
كان ما بينهما طاهرا نقيا والأمل فسيحا...وعصفت الدنيا بذلك الحب...هي الدنيا التي دائما ما تنقلب بأهلها...لتثبت أن دوام حالها محال على مر العصور...كانت تعشقه...بل تهيم به عشقا ولا ترى في الدنيا رجلا سواه...إلا أنه جذورها الإرستقراطية كثيرا ما كانت تنضح في تصرفاتها فيقف ذلك حائلا بين حبهما...كانت في كثير من الأحيان ورغما عنها تتحدث إليه بشكل يشعره بنوع من الإستعلاء والفوقية وكان هذا يخيفه...وكان هو يراها "كيوبيد" قلبه...يحبها بصدق...لكنه كان يحب كرامته أكثر...وبين فوران إستعلائها وكرامته المهددة باعدت بينهما الأيام...فالشهور...فالسنين...عشرون عاما مروا منذ أن وقعت عيناه عليها.........أفاق مازن من شروده وذكرياته على قطرات مطر نزلت على جبينه فرفع رأسه متأملا السماء والمطر يزداد هطولا فأسرع الخطى بعض الشيء وصوتها يتردد داخل عقله وبين ضلوعه وهي تقول:هل ما بيننا إلى زوال؟؟ فيجيبها بعين حزينة:زوال ما بيننا ليس خاضعا لقوانين طبيعة هذا الكون...حبي لك أطهر من ذلك وأكبر.
وعلى باب شقته تنامى إلى مسامعه صوت كوكب الشرق ففتح الباب...كانت شقيقته تستمع ...طالعته بنظرة حانية وهي تقول:المطر وأم كلثوم دائما ....دائما أرى تلك النظرة في عينيك عندما يلتقيان سويا...طالعها في صمت ولم يجب....سألته:أعد لك الغداء؟ هز رأسه موافقا في صمت....وجلس على أقرب مقعد متأثرا ينظر إلى المذياع وصوت أم كلثوم يجلد مشاعره وهي تقول:كل نار تصبح رماد ما تئيد...إلا نار الشوق يوم عن يوم بتزيد...فانحدرت دمعة حبيسة أبت إلا أن تنهمر على وجنتيه .....وهز رأسه موافقا.

عنبر و11 سبتمبر


دعا إلى تأريخ سيرة سعد الفرج الفنية
السليطي خلال المؤتمر:"عنبر و11 سبتمبر" مناهضة للسياسة الأمريكية
·       الفرج : حصلنا على إجازة النص منذ ثلاث سنوات
·       السليطي :عملي الأساسي ممثل ولا اعتبر نفسي مخرج
·       الدري:  العمل يمثل لي نقلة كبيرة في مسيرتي الفنية
ياسر صديق - سارة السلاموني
أقام فريق عمل مسرحية "عنبر و11 سبتمبر" مؤتمرا صحفيا بمناسبة قرب عرض العمل على مسرح الدسمة في ليلة ختام مهرجان القرين في دورته الثامنة عشر.
المؤتمر الذي حضره كل أبطال العمل بدأ بترحيب من الفنان القدير سعد الفرج الذي قال أن العمل إستلزم جهدا منذ كتابة النص قبل أربع سنوات وتم عرضه من قبل لمدة شهر في الدوحة وأن النص والرؤية الإخراجية هم العاملان الأساسيان في جمع هذه الكوكبة من نجوم الخليج.
من جهته دعا مخرج ومؤلف وبطل العمل الفنان القطري غانم السليطي إلى ضرورة تأريخ مسيرة الفنان سعد الفرج الفنية ، مؤكدا أن لولا جهوده وحماسه للنص ما خرج العمل إلى النور .

وأضاف السليطي إلى أن تعامل "بوبدر" مع المسرح القطري بدأ منذ الثمانينات في مسرحية "زلازال بشكل مباشر"التي كانت من تأليفه واخراجه وازدادت ثقة الناس بإشتراك احد رواد مسرح الخليج علي مستوي العالم العربي ثم محطة اخري في مسرحية "بترول ياحكومة "وكانت كتابة حمد الرميحي لتأتي "عنبر و11 سبتمبر" لتكون المحطة الثالثة له مشيرا الي أن كثير من الفنانين يتعلموا  من المسرح الكويتي بشكل مباشر بالانضمام الي معهد الفنون المسرحية في الكويت وبشكل غير مباشر برؤية المسرحيات والأعمال .

وأوضح السليطي ان العمل لم يأخذ حقه في العرض بين الجهمور الخليجي حيث تم افتتاحه في قطر عام 2007 من خلال مهرجان الدوحة الثقافي لمدة 18 يوما وأصيب في احدي مشاهد المسرحية وظل يتعالج  لمدة سنة ونصف وهذا ما جعله  ينطلق بعرض المسرحية الي الكويت مرة أخري لاهتمام الصحافة الكويتية بها حتي تأخد بريق اعلامي مشيرا الي ان  العمل يحتوي علي قيمة انسانية مهمة وتعتمد علي روح الإنسان البسيط  .
وردا على سؤال حول طبيعة تعامل فنانين مخضرمين مع الفنانين الشباب خلال البروفات أكد الفرج على سعادته بوقوفه بجوار فنانين من جيل مختلف وأولهم الفنانة الشابة هبة الدري التي تؤدي دورا محوريا خلال أحداث المسرحية.
بدورها إلتقطت الفنانة هبة الدري طرف الخيط لتعبر عن سعادتها بوقوفها إلى جانب القدير "بو بدر" والقدير غانم السليطي وأنه ترى في ذلك ميلاد فنيا جديدا لها وأنهما يمثلان لها أبوين عظيمين ، مؤكدة على حرصها الوصول الي مستوي جيد وخاصة ان الشخصية التي تلعبها ليست سهلة وتتناول مفردات سياسية جديدة عليها وهو ما دعا السليطي إلى إطلاق قفشاته الضاحكة حول كونه صغيرا فأضاف جوا من المرح خلال المؤتمر  .
واستنكر السليطي فكرة تعديل نص المسرحية واستغلال الثورات العربية والربيع العربي قائلا" اصبحت الان متاجرة ولعب بمشاعر الشعوب لان تناول قضية يجب ان يتقادم عليها العهد والتأمل والاستيعاب والذكري وتخمير الافكار .
وعن اختياره لتأدية دور عنبر رد قال "عملي الاساسي تمثيل وانا لا اعتبر نفسي مخرج وبطبعي أميل لدور البسطاء الفقراء المنكوبين في التمثيل ".
وشدد السليطي في ختام المؤتمر على أنه العمل ليس ضد الشعب الأمريكي فالشعوب لا تتناحر فيما بينها لكنه ضد الهيمنه والسياسة الأمريكية وضد التوحش والتعذيب والإنتهاكات التي شهدها ويشهدها معتقل "غوانتانامو".
مسرحية "عنبر و11 سبتمبر" بطولة سعد الفرج وعلى الغريري وهبة الدري وإخراج وتأليف وبطولة غانم السليطي.

شرح الصورة:
1.   سعد الفرج يتحدث خلال المؤتمر
2.   غانم السليطي وهبة الدري أثناء البروفة
3.   مشهد أخر من عنبر و11 سبتمبر

الأربعاء، 25 يناير 2012

حنان المهدي


تبهرها هدى حسين وتفتقد غانم الصالح
حنان المهدي لـ"الدار":ألوم على الفرق المسرحية كثرة خلافاتهم
·       أغلب الفنانين أخلاقهم فوق مستوى أي شبهة
·       عملي في التلفزيون مقتصر على البرامج وطموحي أكبر من ذلك
·       أرى نفسي موزعة بين عملين وهذا يشتتني بعض الشيء
·       الجائزة لا تسعدني إذا كان الجمهور غير راضي
·       كلما أديت الشخصية إزددت إلتحاما وتعايشا معها
ياسر صديق- سارة السلاموني
الشابة الموهوبة الواعدة حنان المهدي...عرفتها كفتاة خائفة مرتعشة تنتظر قاتلها المجهول في مسرحية طقوس وحشية فأيقنت أن أن هناك حزمة ضوء تلمع وتصعد وتشق بقوة إلى عالم المسرح...كنت احاورها وأسالها فتأتي الإجابة محددة وشارحة وملخصة....والإبتسامة الودودة والمرحبة لا تفارق وجهها أبدا...كان لابد أن نقترب أكثر منها لنعرف العوامل التي أدت إلى كل تلك الحرفية في الأداء...حاورناها...فقالت:

من هي حياة المهدي؟
حنان المهدي خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية قسم تمثيل وأخراج مسرحي وحاليا أعمل مخرجة في تلفزيون الكويت قسم إدارة المنوعات وفي المسرح أنا عضو في مسرح الخليج العربي ولكن عملي أغلبه في  مسرح الكويت منذ 6 سنوات تقريبا وهذا أمر لا يعرفه الكثيرون.
كيف تجمعين بين الموهبة الشديدة في التمثيل والميل ناحية الإخراج؟
بحكم وظيفتي في وزارة الإعلام دخلت مجال الإخراج وهو شيء جديد علي لأنه إخراج تلفزيوني وأنا درست الإخراج التلفزيوني بشكل مبسط وذلك لأن جل التركيز كان على الإخراج المسرحي ، وبحكم وظيفتي أقحمت نفسي في المجال رغبة في التعلم والتلفزيون حاليا مقتصر على البرامج وانا طموحي يميل إلى أكثر من ذلك ولكن حبي الأول والأكثر للتمثيل.
الفنان أكثر الناس هربا من الروتين ...كيف لحنان المهدي أن تحافظ على كونها موظفة في وزارة؟
معك الحق فأنا أرى نفسي موزعة بين عملين وهذا يشتتني بعض الشيء فبين البروفات وعمل التفزيون يصيبني الإجهاد ولكن مشكلتي أنني أميل إلى الإثنين معا.
الجوائز شيء هام في حياة حنان المهدي؟
الجوائز شيء تشجيعي وحافز قوي ولكن الجائزة ما تسعدني في حالة إذا كان الجمهور غير راضي وما أسعدني في التكريم الأخير أنني إستطعت نيل الجائزة ورضا الجمهور في ذات الوقت.
هل أرهقك دورك في طقوس وحشية؟
تأثري بدوري في طقوس وحشية كان يلازمني لمدة يوم أو يومين على أغلب تقدير رغم صعوبته وإجهاده النفسي الشديد ، ولأن الدور كان شديد التركيب فهذا كان يترك علي أثرا بعد العرض وكذلك كان الأمر مع فيصل العميري زميلي أيضا.

الذي شاهد "طقوس وحشية "أكثر من مرة قال أن أداء حنان المهدي وصل لقمته ليلة عرض القرين...هل كثرة العروض تثقل أداءك؟
أستطيع القول أن كلما أديت الشخصية إزددت إلتحاما وتعايشا معها وازددت قربا من سيكولجيتها النفسية...ومع تزايد مرات العرض أجدني وقد أصبحت هي بكل معاناتها وخوفها وهذا بالتأكيد يؤثر إيجابا على أدائي.
لاحظنا إنسجاما شديدا بينك وبين العميري وعيسى...يرجع هذا للزمالة القديمة أم لطبيعة النص؟
الإثنين...فأنا والعميري وعيسى ذياب أصدقاء منذ زمن بعيد وكذلك طبيعة الدور وذوبان كل منا في الشخصية التي يلعبها جعلنا في حالة إنسجام تام.
حنان المهدي تجد تشجيع ودعم من العائلة أم حذر وتحفظ على عملها الفني؟
التشجيع والحمدلله موجود وألمسه دائما...وعندما أعلنت عن رغبتي في دخول المعهد وجدت بعض التحفظ لكن في محيط الأسرة أجد تجاوبا وتفهما لطبيعة عملي .

هل ترين أن النظرة الغير إيجابية للوسط الفني صحيحة أم مبالغ فيها؟
من وجهة نظري السبب وراء هذا هو تسليط الضوء على تصرفات وحياة الفنانين وهو ما جعل التصرف البسيط أزمة في حين لو نفس التصرف فعله شخص عادي لن يلتفت إليه أحد لكن يشهد الله أن جل الفنانين أخلاقهم فوق مستوى أي شبهة.
ما الذي جذب حنان المهدي إلى دورها إلى طقوس وحشية؟
أعشق الأدوار المركبة والنص كان غاية في السيكودراما والتعقيد وهذا شدني للدور بشدة.
هل هناك مشروع تحضير لعمل جديد؟
لا فنحن بالكاد فرغنا من العروض والمهرجانات ولم أبدأ بعد في أي أعمال جديدة.
وفي مجال الإخراج؟
اليوم تحدثت مع زميل لي في أدارة المنوعات وناقش معي فكرة قد تتمخض عن عمل قريب.
المجال الفني من وجهة نظرك مجال ذكوري بعض الشيء؟
ليس بالدرجة ولكن عملي كمخرجة يتطلب أن أقود الفريق وهذا قد لا يرحب به بعض الفنانين الرجال رغم انني لم أصطدم بهذا الأمر بعد.
الممثلين الذين تعجب حنان المهدي بأدئهم؟
يعجبني وأنبهر بأداء الفنانة هدي حسين ومن الشابات تعجبني شهد ومن الشباب فيصل العميري وعيسى ذياب ومن الجيل الأول الفنان العظيم الراحل غانم الصالح وانا من كثرة عشقي لهذا الرجل قمت بعمل فيلم وثائقي عنه كنوع من التكريم لهذا الفنان الرائع.
أكثر شيء يجرح حنان المهدي؟
عندما أشعر أن القريبين مني يفتقدون الصدق معي فانا أعشق الوضوح.
كلمة عتاب توجهيها لأحد....لمن؟
لفناني المسرح بشكل عام أقول...من المفروض أن نكون على قلب رجل واحد فنحن في نهاية الأمر نمثل الكويت ولسنا في حرب أهلية ولابد من تواصل اكثر وتعاون أكبر بين كل الفرق المسرحية .
كلمة شكر توجهيها لمن؟
أوجها للمسرح الكويتي بكامل أعضائه ولفيصل العميري وفيصل العبيد والفنان أحمد السلمان فهم دائما يشعروني أنني إبنة هذا المسرح وفتاته المدلله.

شرح الصورة:
1.    حنان المهدي
2.    حنان والعميري في مشهد من طقوس وحشية
3.    مشهد بين حنان المهدي وعيسى ذياب

الأحد، 22 يناير 2012

ليلة مغربية بروح مصرية


عرف "ماستر سين" الجمهور فأطربهم وغنوا معه
فؤاد زبادي أبهر الحضور بصوته وحلق في آفاق"القرين"
·       قدم أغاني حملت عبقا كويتيا ووهجا مغربيا وروحا مصرية وطلة لبنانية
·       اليوحة كرم فؤاد زبادي والمايسترو مجدي طلعت
·       عازف العود سيد الرويشد تجلي بإبداعه في "ودع هواك"
·       "صوت السهارى" لـلدوخي أداها زبادي بتمكن فحملت عبق الطرب الكويتي
ياسر صديق
لم أتخيل على وجه اليقين أن الرجل ذو المظهر الوقور والطلة المهيبة والجسد الممتليء الذي يعكس روحا هادئة قادر على أن يطربني ....لم أقرأ عنه جيدا وأرى أن ذلك جعلني أستمتع بعنصر المفاجأة....السارة بالطبع...فؤاد زبادي....هذا إسمه...مغربي الجنسية...عربي الهوى...كانت هذه كل معلوماتي عنه...ورغم أن الرجل شهرته تملأ الآفاق إلى أنه يبدو أن سقف أفاقي محدود بعض الشيء...لبى المطرب المغربي دعوة المجلس الوطني للثقافة والفنون والأداب لإحياء أمسية ضمن فعالياته في دورته الثامنة عشر فكانت ليلة لا تنسى ، عندما أمسكت بيدي المطوية التي تحوي برنامج الحفل تفاجئت بأن الرجل سيتغنى بموشح مغربي أندلسي واحد وباقي الأغنيات مصرية اللحن والكلمات والأداء والبعض الأخر لبناني الهوى والمذاق بل إنه قرر أداء أغنية كويتية خالصة ...عند قراءتي للبرنامج راودني إحساس أنني بصدى ليلة سأتذكرها كثيرا.....وقبيل بدء الأمسية وفور إعتلاء الفرقة الموسيقية المسرح كرم الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والأداب م.علي اليوحة المطرب فؤاد زبادي وقائد الفرقة الموسيقية المايسترو مجدي طلعت ، ألقى بعدها المطرب كلمة عبر فيها عن سعادته بوجوده في الكويت ومعربا عن فخره لمشاركته في مهرجان القرين ومتمنيا ليلة مبهجة لكل الحضور.

"ساكن في حي السيدة" كانت قبلة التحية
أتعرف حين تهدي عزيز لديك قبلة تحية في أول اللقاء؟ هذا ما فعله فؤادي زبادي مع الجمهور فور بدء الفرقة الموسيقية العزف وإنسياب الموسيقى إلى الأذن تعرف من اللحن أنها الأغنية التي طالما إرتبطت بمطرب من زمن العطر الفواح محمد عبد المطلب... لحنها العملاق محمد فوزي وكتبها زين العابدين ...تساءلت!!!كيف سيؤديها وهي ذات ملمح وطابع سهل ممتنع...ظل التساؤل داخلي والفرقة تعزف بداية اللحن ...لينطلق بعدها الرجل بصوت...رخيم...عميق...معبر ، بمطلع الإغنية..."ساكن في حي السيدة وحبيبي ساكن في الحسين وعشان أنول كل الرضا يوماتي أروحلوا مرتين من السيدة لسيدنا الحسين" كان الأداء أكثر من مبهر وأعلى من ساحر وتجلى ذلك في تصفيق الحضور وإنساجمهم مع الأداء واللحن والتحية الوضاءة التي أمطروه بها بعد أن فرغ منها.
"الناس المغرمين"...ماستر سين الجمهور
المتأمل لملامح فؤاد زبادي يعرف أنه من ذلك النوع من الفنانين الذي يستشعر جمهوره من أول لحظة ...لذا كانت إختياراته وطريقة أدائه وكأنها جاءت خصيصا لجمهور الليلة...فتغنى بأغنية "الناس المغرمين" لمحمد عبد المطلب أيضا والذي إستشعرت وكأن الراجل قد لبس حنجرة فؤاد زبادي فهو لا يتوحد معه في الصوت والأداء فقط بل في سكناته وإيماءاته وتمايله ...كلها أشياء تجزم أنه متسق تماما مع عبد المطلب ولحن كمال الطويل وكلمات الرائع عبد الوهاب محمد....الجمهور لمس الأغنية بقلبه وتذكر ذلك الزمن وعبقه...ونجح المطرب في شد إنتباه الحضور وجذب أذانهم وعيونهم وقلوبهم ، بل وشاركهم الأغنية فكانت كلمة "كده" هي تحية الجمهور له فرددها معه عند ختام كل مقطع.

يا عيني على الصبر داعبت أسماع الجمهور
أكاد أجزم أن العملاق وديع الصافي لو كان حاضرا الليلة لرفع القبعة لذلك الفنان المتفرد في طبقة صوته ومتمكن من كل خلجة من خلجات حنجرته...كانت أغنية "يا عيني على الصبر" محطة هامة في تلك الليلة البديعة...أنسابت ألحان رياض بندق وكلمات نجيب محمد نجم ليشدو ويطرب ويمتع ...فتمايل معه الحضور وصفقوا له بين كل مقطع وأخر...وتوحد مع وديع الصافي مثلما توحد مع عبد المطلب وكان الأداء أكثر من رائع وأشد تأثيرا من السحر.
شفت حبيبي...تحولت إلى ترنيمة
جعلها أقرب إلى الترنيمة ...كان الأداء مصريا خالصا والروح قاهرية ...أغنية "شوفت حبيبي" للراحل محمد عبد المطلب والتي لحنها عبقري الموسيقى رياض السنباطي وكتبها عبد الباسط عبد الرحمن زادت من تفاعل الجمهور....الجميع على إختلاف أعمارهم تمايلوا وغنوا وابتهجوا وأمطروا فؤاد زبادي بوابل من الحب والتصفيق وتعليقات الإعجاب إستقبلها في تواضع لازمه طوال الحفل.

يا ليل طول...الغناء الأندلسي وروح المغرب العربي
كنا جميعا تواقون لسماع شيء من بلاد المغرب العربي وكان ما أردنا فلعب على اوتار قلوبنا بألحان عميد الألحان المغربية عبد القادر الراشدي وكلمات مغربية أندلسية إنسابت إلى الأسماع وشدا بها فؤاد زبادي من مقام غنائي مبهر خلبت لب الحضور وكان التصفيق أمرا طبيعا لمطرب يعرف كيف يسوس جمهوره ويجعله منتشيا.
"صوت السهارى" ...الدوخي حاضرا
ولإن زبادي لديه تلك القدرة على التنويع والتشكل ومزج كل ما هو عربي في قالب يحوي خليطا موسيقيا عذبا ...تغنى برائعة العملاق الراحل عوض الدوخي وألحان وكلمات يوسف الدوخي "صوت السهارى" فجاءت رقراقة رائعة وأداها فؤادي زبادي بأريحية وإنسجام عزب أبهر الجمهور ، وخاصة مع تميز الفرقة الموسيقية والكورال بقيادة المايسترو مجدي طلعت الذي أخرج من الفرقة أروع ما فيها...."صوت السهارى" كانت تحية زبادي لأهل الكويت الذين ردوا التحية بأحسن منها.
في قلبي غرام...حملت معاني الحب
عاد بنا بسرعة خاطفة لعبد المطلب والذي يبدو أنه يعشقه وجعلنا كلنا نزداد حبا له...فهو يغنى بأغانيه وكأنه يتغزل في المطرب الراحل....وكانت أغنية "في قلبي غرام" والتي لحنها عبد العظيم محمد وكتبها إبراهيم بهلوان...فحلق بنا في معاني الحب وحملت الجمهور إلى علياء الطرب الشرقي الأصيل ....عبد المطلب كان سفيرا أحضره زبادي داخل قلبه وحنجرته.

ودع هواك...مسك الختام
على زخات عود الفنان الكبير سيد الرويشد جاءت أغنية "ودع هواك وأنساه وأنساني عمر اللي فات ما هيرجع تاني"...فكانت أيقونة الختام ومسكه...ولأن الجمهور حساس بطبعه فقد أفرغ جل مشاعره وعاطفته في أغنية الختام فرددها معه وتمايل معها وصفق لها....وله....فؤادي زبادي...كانت ليلته من أروع ليالي القرين ...بإجماع كل الحضور.
نظرة على سيرة فؤاد زبادي
ولد محمد الزبادي عام 1955 من أسرة متدينة ومحافظة بمدينة مكناس بالمملكة المغربية. ظهرت موهبته المبكرة في العقد الأول من عمره، وأصبح بعد فترة مطرب الحي إلى أن وصل صيته إلى الوطن العربي كافة.
درس أصول الموسيقى والغناء وفنون الطرب (دراسات حرة) أثناء دراساته بكلية العلوم بمدينة الرباط، ولكن الموهبة الأصيلة فرضت نفسها فتفرغ للفن.
سجل العديد من الأغاني والموشحات للمحطات الفضائية العربية وهو صاحب الحنجرة الذهبية  و العبقرية الفنية والأسلوب المتميز تسلطن على مقامات الموسيقى العربية الأصيلة فطوعها بحنجرته الدافئة وموهبته الفنية إنه ورث أمجاد زمن المطربين العمالقة حيث برع في أداء أغاني محمد عبد المطلب وكارم محمود و غيره من فناني الزمن الجميل لكن أداء تلك الأغاني الخالدة جعل من فؤاد الزبادي سلطانا للطرب الأصيل دون منازع بشهادة النقاد والمختصين والجماهير الكبيرة التي صفقت له في العديد من المناسبات والمحافل وخير دليل على ذلك هو نجاح كل سهراته في مصر داخل قبة الأوبرا حيث أدهش بأدائه الرائع فطاحلة المطربين والفنانين الكبار.

شرح الصور:
1.    فؤاد زبادي يشدو بالغناء
2.    اليوحة يكرم المطرب فؤاد زبادي
3.    اليوحة وسهل العجمي يتقدمان الحضور
4.    فؤاد زبادي ومجدي طلعت يتوسطان الفرقة الموسيقية
5.    اليوحة يكرم المايسترو مجدي طلعت