السبت، 21 يناير 2012

طقوس وحشية


بحضور العياد والسلمان وعدد من المثقفين والفنانين
"طقوس وحشية" ...كلاكيت ثاني مرة ضمن فعاليات مهرجان القرين
ياسر صديق
لسحرها...وشدة وقعها...وتكامل عناصرها...والنجاح الذي حصدته في مهرجان المسرح الكويتي والتي حازت فيه على ست جوائز منهم أفضل عرض متكامل وأفضل ممثلة ، حرص مهرجان القرين الثقافي في دورته الثامنة عشر على إعادة إحياء ليلة فنية تقدم فيها المسرحية الناجحة "طقوس وحشية"  وهي إحدى إبداعات فرقة المسرح الكويتي وذلك بحضور كاملة العياد ورئيس مجلس إدارة فرقة المسرح الكويتي أحمد السلمان .
"طقوس وحشية" مسرحية تتغلغل داخل النفس البشرية بكل ثوابتها وأهتزازاتها ودوافعها وإيمانها وتخبطاتها وخوفها ، فالمرأة التي يزورها زائر في الليل يعرفها بنفسه على أنه شرطي جاء لحمايتها من سفاح قاتل يحوم حول بيتها للنيل منها ، وعبر حوار تم غزله بطريقة غاية في البراعة والتشويق تدخل المرأة في حوار مع الشرطي حول طبيعة ذلك المجرم وطبيعتها هي بل وطبيعة الشرطي أيضا الذي يلعب معها لعبة تقمص الأدوار فتارة هو زوجها الساخط على كل تصرفاتها وتارة هو أبوها القاسي وتارة هو إبنها المحتاج لحنانها وبين حين وأخر يأتي من يمثل دور كل النفوس المعذبة والمقتولة وهو يتهادى ويترنح في إعياء وقد كبلته وكتفته الأغلال.

أول ما يجب الإشادة به هو الإخراج الذي تحكم ببراعة شديدة في الإضاءة التي شرحت نفسية الشخصيات وعكست أبعادا نفسية شديدة الدقة ، كما كانت الموسيقى التصويرية عالية التأثير أجاد المخرج توظيفها لتوصيل المعنى الدرامي.
الممثلة حنان المهدي متدفقة في مشاعرها ووقفت على كل تفصيلة من تفاصيل الشخصية بدقة متناهية فاستحقت كل الإعجاب والشرطي الذي أدى دوره الممثل فيصل العميري كان أدائه للشخصية السلطوية المريضة المركبة شديد الحبكة والروعة وعيسى ذياب أدائه الحكري يستحق عليه الأوسكار دون جدال.
مسرحية "طقوس وحشية" بطولة فيصل العميري وحنان المهدي وعيسى ذياب تأليف قاسم مطرود وإخراج علي الحسيني ولاشك أنها علامة من علامات فرقة المسرح الكويتي وكانت ليلة مميزة من ليالي مهرجان القرين.

يذكر أن "طقوس وحشية" شاركت في مهرجان المسرح العربي الذي أقيم في العاصمة الاردنية عمان وصفق الجمهور الأردني طويلا لشباب المسرح الكويتي الذين ادهشوا متابعي فعاليات المهرجان الذي وذلك بحضور سفير دولة الكويت لدى الاردن الدكتور حمد الدعيج والملحق الدبلوماسي فيصل الشهري وجمهور كويتي وعربي غفير .

الثلاثاء، 17 يناير 2012

تكريم نادي السينما الكويتي


أهداهم دروع تكريم وعرض أفلام قصيرة لمخرجين واعدين
نادي السينما الكويتي كرم "البحيري" و"بوسي" و"الذوادي" و"السليطي"
·       داليا البحيري:التكريم بمثابة "الطبطبة" التي أزالت كل عناء
·       بوسي: ليس جديدا على بلد الفن الخليجي الأول
ياسر صديق
كرم نادي السينما الكويتية عدد من رموز الفن في أنحاء الوطن العربي والذين حلوا ضيوفا على مهرجان القرين الثقافي في دورته الثامنة عشر وذلك في نادي السينما بمقر المجلس الوطني للثقافة والفنون والأداب وبحضور النجوم المكرمين وهم الفنانة الممثلة بوسي والممثلة داليا البحيري من مصر والمخرج بسام الذوادي من البحرين وهو صاحب فكرة أول مهرجان للسينما العربية في البحرين والممثل القطري غانم السليطي.

وألقت د.ليلى السبعان كلمة في بداية الحفل شرحت فيه حرص نادي السينما على الإحتفاء بنجوم أضاءوا سماء الفن بالعديد من الأعمال التي تسكن في وجدان المشاهد العربي كما سلطت الضوء على حرص المجلس الوطني للثقافة والفنون والأداب على الإحتفاء بالنجوم كضيوف أولا في بلدهم الثاني الكويت وكنجوم تضاء لهم المشاعل أينما نزلوا وحلوا.
عقب كلمة السبعان تم عرض عدة أفلام روائية قصيرة من تأليف وإخراج وتمثيل شباب واعدين تدربوا داخل نادي السينما فشاهدنا فيلم "مهملات" للمخرج الشاب عبد الله بوشهري وفيلم "هارمونيكا" للمخرج الواعد والمكرم في مهرجان القرين أحمد الخلف وفيلم "سلام"  لنفس المخرج والذي حاز عن هذا الفيلم على جائزتين من كبرى المهرجانات في بريطانيا.

بدوره آلقى مدير نادي السينما الكويتية عماد النويري كلمة رحب فيها بالضيوف المكرمين وألقى فلاشات سريعة على مسيرة كل نجم ليعلن بعدها عن المكرمين ليصعدوا المنصة تقدمتهم النجمة داليا البحيري التي ألقت كلمة عقب إستلامها درع التكريم عبرت فيها عن سعادتها بتواجدها في الكويت وشعورها بالفخر وهي تتلقى تكريما في بلدها الثاني واصفة الدروع والجوائز بـ"الطبطبة" على كتف الممثل والتي تزيل عنه عناء العمل ، موجهة شكرها للمجلس الوطني للثقافة والفنون والأداب على هذه الحفاوة الكبيرة .
كما كرمت الفنانة الكبيرة بوسي والتي ألقت بدورها كلمة قصيرة عبرت فيها عن إمتنانها بدرع التكريم ومشيرة إلى أن هذا ليس بجديد على بلد الفن الخليجي الكويت وتمنت دوام التقدم الفني والأدبي.
وتلقى المخرج البحريني بسام الذوادي درعا تكريميا بينما غاب الفنان القطري غانم السليطي وأناب عنه من تسلم درع التكريم.
وختم الحفل بإلتقاط النجوم المكرمين صور تذكارية مع الحضور .

الاثنين، 16 يناير 2012

فيلم تورا بورا


اليوحة كرم العوضي والفرج وداليا البحيري أدارت الندوة
"القرين" يخصص ليلة للإحتفاء بـفيلم"تورا بورا"
·       اليوحة:فخور بالفيلم الإنساني الذي جمع نجوم الوطن العربي
·       العوضي: العمل إستلزم جهد ثلاث سنوات و"بو بدر" كان الداعم الأول للفيلم
ياسر صديق
ضمن فعاليا مهرجان القرين الثقافي في دورته الـ18 نظم المجلس الوطني للثقافة والفنون والأداب عرضا سينمائيا للفيلم الكويتي "تورا بورا" وذلك في دار عرض مجمع ليلى جاليري بحضور مخرج الفيلم وليد العوضي والفنان القدير سعد الفرج وتقدم الحضور الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والأداب م.علي اليوحة الذي كرم مخرج الفيلم وأبطاله قبل بداية العرض ومن مصر شاركت الفنانة داليا البحيري والفنانة بوسي.
كلمة اليوحة
قبل بداية العرض ألقى اليوحة كلمة نقل فيها تحيات وزير الإعلام ورئيس المجلس الأعلى للثقافة والفنون والأداب حمد الجابر العلي الصباح ورحب بالكوكبة الفنية المتواجدة في صالة العرض ، معربا عن فخره بالفيلم الإجتماعي الإنساني الذي جمع فنانين عرب من الخليج العربي حتى المغرب العربي.
وعرج اليوحة على تاريخ السينما الكويتية منذ أن قامت دائرة المعارف في الخمسينات بتأسيس قسم السينما والتصوير وأنتجت أكثر من 60 فيلما وثائقيا عن الحياة في الكويت وتأسيس شركة السينما الكويتية عام 1954 وافتتاح قسم السينما في تلفزيون الكويت عام 1961 عندما قدم المخرج محمد السنعوسي "العاصفة" كأول فيلم روائي قصير ، لافتا إلى أنه يجب التوقف أمام إبداعات المخرج العالمي خالد الصديق الذي وضع السينما الكويتية على خارطة السينما العالمية بفيلمه الروائي الطويل "بس يا بحر" عام 1971.
تورا بورا حالة سينمائية خاصة
"تورا بورا" قصة حلقت في فلك العديد من الأسر الكويتية والخليجية منذ مطلع التسعينات وحتى إجتياح القوات الأمريكية للأراضي العراقية ، الفيلم يشرح معاناة أب وأم من الكويت أدى دورهما ببراعة سعد الفرج وأسمهان توفيق ، ساقتهم الأقدار إلى أفغانستان بحثا عن إبنهما "أحمد" الذي غرر به للمجيء إلى تورا بورا لمجاهدة الأمريكان ونيل الشهادة، وفور صولهما يكتشفان مدى الهلاك الذين وقعا فيه ومدى صعوبة التحرك في تلك المدينة التي يحلق فيها الرصاص فوق الرؤوس طوال الوقت.
في نفس الوقت الذي يأتي فيه إبنهما الأكبر "د.طارق" ولعب الدور الموهوب خالد أمين للبحث عن أخيه ووالديه ليعيش هو الأخر رحلة مضنية من البحث ليعثر أخيرا على أبويه وبمساعدة قبائل البشتون ينجح في تحرير أخيه من قبضة طالبان.
"تورا بورا" حالة سينمائية كويتية شديدة الخصوصية فالمدة التي أستغرقها تصوير الفيلم والتي تقترب من الثلاث سنوات والسخاء الإنتاجي الواضح في العمل وبراعة الرؤية البصرية وحالة التفرد في الأداء التمثيلي أفرز لنا عملا شديد الإبداع يستحق عليه المخرج وليد العوضي الإشادة ويستحق العم بوبدر "الفنان القدير سعد الفرج" ألف قبلة على جبينه على أداءه الذي ذكرني بالممثل الأميريكي المخضرم مورجان فريمان ، وحالة التوهج للقديرة أسمهان توفيق والممثل الفذ خالد أمين والشباب الواعدين عبد الله طراروة وعبد الله الزيد ومن المغرب العربي قدموا أدوارهم ببراعة الساسي وعبد اللطيف أبو شقرا وياسين أحجام ومن فلسطين قيس ناشف.

ندوة حول الفيلم
عقب إنتهاء العرض أقيمت ندوة حول الفيلم أدارتها الفنانة والممثلة المصرية داليا البحيري والتي جاءت خصيصا للمشاركة في الندوة في حضور المخرج وليد العوضي والفنان سعد الفرج.
الندوة دارت ما بين مؤيد ومعجب ومحتفي بالفيلم كأول فيلم كويتي ينال ذلك القدر من الإستحسان والتقدير والنجاح خارجيا وداخليا وعلى مستوى الجمهور والنقاد أيضا وبين منتقد بشدة للمعالجة الدرامية وعدم الحبكة وثغرات حول وجهة نظر المخرج حول اليد الأمريكية في بلاد الأفغان.
وشرح المخرج وليد العوضي كيف تم الإعداد للفيلم خلال ثلاث سنوات وكيف كانت مشاركة القدير سعد الفرج دافع قوي لكل الفنانين المشاركين في العمل وصعوبة التعامل مع المجاميع من الأفغان والذي أضطره ذلك للأستعانة بمخرج فيلم "أسامة" وهو مخرج أفغاني لتأكد من سلامة اللغة الأفغانية وتوصيل المعنى والأداء بشكل سليم.
وردا على المعالجة الدرامية التي طالت الفيلم خاصة وان القصة واقعية أجاب العوضي أن القصة من واقع الحياة الخليجية وليست قصة حدثت بالفعل لذا لم يتطلب الأمر إداخال معالجة درامية على العمل ، كما شرح أسباب تعثر السينما الكويتية مرجعا السبب إلى الأحداث السياسية التي عاشتها الكويت بداية من الغزو الغاشم وحتى الإجتياح الأمريكي للعراق وكلها أحداث كان لها تأثير واضح على الحركة السينمائية في الكويت خاصة وأن صناعة السينما تحتاج إلى إستقرار سياسي. 

وأنتقد البعض وجهة نظر المخرج والتي بدت متحيزة كثيرا للأمريكان والذين لم يظهروا طيلة الفيلم إلا من خلال مشهد النهاية كطائرة إنقاد تنتشل أبطال الفيلم من المستنقع الأفغاني متسائلين عن مصدر التمويل ، ورد العوضي بأنه صاحب شركة الأنتاج المنفقة على العمل وأن الإنتاج كويتي 100% وأن وجهة نظره المتحيزة تعكس إيمانه بما قدم وقناعاته وأن المتواجدون في صالة العرض لو أتيح لهم أنتاج عمل مماثل ستخرج تلك الأعمال بشكل مختلف تماما لأن الأراء لابد وأن تختلف من شخص لأخر.

الأحد، 15 يناير 2012

نسيمة


ترى في الكويت بلدها الثاني وأمتعت الحضور بموسيقى شمال إفريقيا
"نسيمة" أيقونة جزائرية زينت عقد القرين 18 في أمسية شرقية أمازيغية
·       أغانيها الصوفية خلبت لب الحضور وختام الأمسية أغنية أمازيغية
ياسر صديق
جلست أرقبها عن كثب وكانت في حوار مع قناة تلفزيونية...إبتسامتها لا تفارقها وكأنها عهد أقسمت عليه ووفت ...كنت أنا والحضور على موعد مع أمسيتها التي جاءت ضمن فعاليات مهرجان القرين في دورته الـ18 ، قطعت أميالا من أجل أن تطربنا فجلسنا متأهبين ننتظر منها أن تكشف النقاب عن اللون الجزائري الجبلي الذي يبدو ضبابيا أمام أعين البعض إلا من الجالية الجزائرية القليلة العدد التي حجزت مقاعد مسرح الدسمة الأمامية وكأنها ليلة عيد ، إنها المطربة الجزائرية نسيمة التي جاءت من غربتها في باريس إلى الكويت كي تشدو وفعلت...وأقسمت أن تطربنا...وبرت بقسمها.

قبل أن تشرع في الغناء إعتلي الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والأداب م.علي اليوحة المسرح وأهدى نسيمة درعا تكريميا تقديرا لجهودها التي تمتد لأكثر من عشرون عاما ، وبدورها حيت الحضور معربة عن سعادتها بتواجدها في الكويت التي وصفتها ببلدها الثاني.
بدأت نسيمة أمسيتها بعدة وصلات أندلسية وهو اللون الذي تميزت فيه على مدى مشوارها الفني وكان سببها في ذيوع شهرتها داخل وخارج الجزائر بل وعلى مستوى العالم فقدمت "أنا الحب" للأمير عبد القادر و"ساعة" لابن حزم الأندلسي" .
ورغم ظني الذي تبدد بعد هذه الأمسية وإعتقادي أن هناك كلمات لا تغنى ومصطلحات لا يمكن أن تقال في جو طربي ، كسرت نسيمة كل قيد برقة شديدة عندما غنت أغنية "ختن يا ختان" وهي من كلماتها وتلحينها ، الأغنية تتحدث عن ولد يختتن أو تجرى له عملية الختان ...كنت أظنها مسألة حساسة وشائكة من الصعب الإقتراب منها عبر قالب غنائي ، لكن الأغنية كانت أقرب إلى ترتيل الملائكة...غيرت نسيمة معتقداتي الغنائية وأجلستني مشدوها بما تشدو....جاءت كلمات الأغنية تقول:
ختّن يا ختّان طهرلى وليدي ** ولولوا يا نسوان هاذ اليوم عيدى
الحنة و تاتو فى حجر جداتو ** فرحوا يا خالاتو زيدوا عماتو
بعباية بيضا شاشيا و برنوس ** يكبر ان شالله و يدخل عروس
وليدي مع الصبيان يكتب بالقلم ** يكبر ان شالله و يخرج عالم
وليدي مطهر و الملايكه حاضريين ** مسك و عنبر و السيد جبريل

وفي جو صوفي آخاذ غنت نسيمة ترانيم تمتزج بالتبتل مثل أغنية "الحرم يا رسول الله" للشيخ محمد ابن مسايب و"ليلى" للشيخ أحمد العلاوي و"لقد زالت الحجب" ، ثم أوجعت قلوب الحضور عندما تغنت برائعتها "مجدت بلادي" وهي من تلحينها وكلماتها تشرح فيها معاناتها مع الغربة التي أمتدت لأكثر من عقدين من الزمن.
ولأن عبق الأمازيغ التاريخي كان يظلل على الأمسية أتحفتنا نسيمة في ختام الأمسية بأغنية أمازيغية للشيخ سليمان عازم ،ورغم غموض الكلمات والمعاني إلا أن الأغنية جاءت دافئة ومتدفقة للغاية لتختم نسيمة أمسيتها بتحية كما إبتدئتها وتتركنا نسبح في خيال الشمال الأفريقي الساحر.

يذكر أن المطربة الجزائرية نسيمة المقيمة في باريس منذ عام 1994 تعتبر حالة خاصة في المشهد الفني الجزائري، باعتبارها الوحيدة التي تحولت إلى سفيرة للأغنية الأندلسية في الخارج، وقد اشتهرت بشكل لافت انطلاقا من العاصمة الفرنسية كعدد كبير من الفنانين الجزائريين، وراحت تشق مرحلة جديدة في مسارها الفني، لم تفصلها عن جذورها الثقافية الأصلية.
ولم تكن هذه الشهرة التي نالتها بتشجيع من مسؤولي بلادها، كما قالت لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة عيد المرأة، بعد عودتها من نيويورك إثر إحيائها حفلة في مسرح كورنجيه هول الذي وقف على خشبته فرانك سيناترا وإيديت بياف، وتقديمها ألبومها الجديد "جذور وأغنيات".
وتنحدر نسيمة من مدينة البليدة الواقعة شمال غرب العاصمة الجزائرية، المعروفة فنيا باعتبارها إحدى قلاع الأغنية الأندلسية إلى جانب تلمسان وقسنطينة، ومسقط رأس موسيقيين وممثلين كبار من أمثال رابح درياسة والراحل محمد عزيز.

وكانت نسيمة -التي ترعرعت في أسرة غير فنية- الوحيدة في المعهد الموسيقي التي أبهرت عدة أساتذة في الفن الموسيقي الأندلسي، الأمر الذي جعلها تحظى برعاية استثنائية مكنتها من تكوين مبكر في سن السابعة، ودخول جمعية الودادية الأندلسية التي تأسست عام 1932.
وانطلقت نسيمة نحو الشهرة بعد تكوين موسيقي قوي على أيدي الشيوخ محمد بن قرقورة والحاج حميدو جعيدر والصادق البجاوي، وكانت البداية في نهاية السبعينيات بتسجيل "أنتولوجيا الموسيقى الأندلسية" للإذاعة والتلفزيون.
وكرست شعبيتها مجددا اعتبارا من عام 1987 تاريخ حصولها على أهم وسام فني من رئاسة الجمهورية، وشروعها في تسجيل جواهر التراث الموسيقي والشعري المغاربي للتلفزيون حتى غاية عام 1994.
وتعززت مكانة نسيمة كمطربة أندلسية شابة ومتميزة عام 1984 تحت إشراف الأستاذ برادعي، الذي سجلت معه لأوركسترا الجزائر السمفونية "نوبة زيدان" بشكل حديث وغير مسبوق، حاولت من خلاله تقريب الموسيقى الكلاسيكية العالمية إلى الموسيقى العربية الخلاقة.
وككل الفنانين والمثقفين والإعلاميين الجزائريين الذين تركوا الوطن مكرهين خلال ما اصطلح على تسميتها بـ"العشرية السوداء"، وأقاموا في باريس لأسباب شخصية، لم تستسلم للأمر الواقع وراحت تشق مرحلة جديدة لم تفصلها عن جذورها الثقافية الأصلية، ومكنتها في آن واحد من تطوير أدائها على النحو الذي ينسجم مع متطلبات جمهور أجنبي غنت أمامه في عدة عواصم أوروبية وعالمية.

إيمان حمصي


حضور أوروبي وخليجي ولبناني  واليوحة كرمها ضمن فعاليات"القرين18"
"سيدة القانون" اللبنانية إيمان حمصي توقظ الإحساس بالموسيقى الشرقية
ياسر صديق
غالبني جهلي فذهبت إلى أمسيتها الموسيقية يزاحمني الظن أنني ربما أمضي ليلة جيدة ، ولثقافتي المحدودة لم أقدرها حق قدرها فأخذت مكاني في القاعة وجلست في تراخي منتظرا ما ستنضح به أصابعها من ألحان...إنها عازفة القانون الأولى في لبنان إيمان حمصي التي تزور الكويت لتشارك في فعاليات مهرجان القرين في دورته الـ18 ، فغزلت ألحانا إستمر صداها فترة ليست بالوجيزة وتركت داخل النفس أثارا ليست بالبسيطة ، كانت أصابعها تسطر على آلة القانون كأنها تربت على طفل في المهد بحنان بالغ فتخرج لحنا كأنه أصوات الملائكة.
كانت الليلة على مسرح مكتبة الكويت ، إعتلت إيمان الحمصي المسرح وجلست خلف آلتها ، إحساسها المرهف تجلى في عينيها المنزعجة من فلاشات المصورين الذين أحاطوا بها فابتسمت لهم إبتسامة مرطبة كانت كافية ليأخذ بعضهم مكانه وينصرف البعض الآخر.
"سارة" ....كان هذا هو اسم المقطوعة التي إستهلت بها إيمان الحمصي أمسيتها...نقرات كأنها همسات فوق القانون تجعل كل ما بداخلك ليس مستقرا أبدا...وخلفها تمخضت شاشة العرض عن مولودة رقيقة ...وراحت لوحة العرض تتشكل وتكبر الفتاة على زخات أنغام إيمان حمصي لتنتهي المقطوعة فلا يملك الحضور سوى التصفيق اللامحدود.
جنين يتشكل على أنغام تلك الآلة التي كنت أظنها غفلة مني أنها ألة ذكورية بحتة إستحوذ عليها الرجال لسنوات طويلة حتى تولد بداخلي يقينا أنهم قد طمسوا معالم أنوثتها ومسخوها بصك عبودية ذكوري بحت لتأتي تلك الساحرة فتفك طلاسم ذلك الصك وتعتلي أعلى درجات الحرفية والتمكن والإبداع...وتنتهي المقطوعة الثانية ....وعلى الشاشة لم يخرج الجنين بعد.
"بين أمي وأبي" كانت المقطوعة الثالثة ...عزفتها إيمان حمصي بتجلي وأريحية وتفرد وامتزجت ألحان الرائعة فيروز مع نغمات سيدة الشرق أم كلثوم لتخرج لنا أعزب النغمات وفي الخلفية على شاشة العرض تابلوه راقص بديع يشرح قصة حب غاية في النعومة لتكون مسك ختام سهرة لا تنسى تستحق أن تسجل ضمن سهرات ليالي مهرجان القرين على مدي سنواته الثمانية عشر.
وفور إنتهاء الأمسية إعتلى الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والأداب م.علي اليوحة المسرح وكرم العازفة إيمان الحمصي وأهداها درع المهرجان.
يذكر أن عازفة القانون إيمان حمصي لفتت نظر الجمهور الفني اللبناني، حتى قيل أنها العازفة الاستثنائية والإولى في لبنان، وقد لقّبت بـ «سيدة القانون» لأنّ القانون تحت أصابعها يصبح آلة ساحرة، بما توقظ فيه أصابعها من أنغام وأحاسيس وأبعاد.
عرفت من خلال عزفها في فرقة أسطورة الشرق "فيروز"، فقد اختارت العزف منذ صغرها وبدأت تتعلّم أصول العزف على آلة القانون في سن السابعة في المعهد الوطني العالي للموسيقى، وحصلت على الدبلوم في العام 1991 بدرجة الامتياز في آلة القانون كما درست الهندسة المعمارية في الأكاديمية اللبنانية للفنون (البا) وتخرجت منها، لكنها أصّرت على استكمال مسيرتها في عالم الموسيقى مواجهة مجتمعها الشرقي الذكوري .