السبت، 22 أكتوبر 2011

Contagion  ...معظم النار من مستصغر الشرر

ياسر صديق
شاهدت هذا الأسبوع فيلم Contagion “العدوى" الذي يعرض حديثا في دور العرض السينمائي ، الفيلم يتناول قصة إنتشار عدوى أو فيروس أو وباء ينتقل بسرعة محمومة بين البشر وهي نوعية الأفلام التي تجيد هوليود حياكتها وحبكتها بشكل يجعل قلبك يخفق مع الأحداث وتعايشها لحظة بلحظة.
يبدأ الفيلم بمشهد لفتاة تسعل وهي تجلس في المطار منتظرة موعد إقلاع رحلتها لتعود إلى الديار من رحلة عمل ، ومن خلال مكالمة تليفونية يتضح أنها أمضت ليلتها مع صديق حميم.
تعود الفتاة إلى البيت لنكتشف أنها زوجة وأم ، وتزداد حالة السعال وتسقط من فرط الإعياء فيحملها زوجها إلى المستشفى وبعد فحوصات يخبر الطبيب زوجها والذي يلعب دوره الممثل الفذ "مات ديمون" أن زوجته توفيت فيسأله عن سبب الوفاة فلا يجد إجابة شافية عن الطبيب.
وفي مركز الأبحاث التابع لمنظمة الصحة العالمية يجري أحد الأطباء الكبار ومساعدته أبحاثا حول الفيروس القاتل والذي بدأت أثاره تتضح على أكثر من شخص من جميع أنحاء العالم وتحاول الطبيبة المساعدة إكتشاف موطن الفيروس لكنها تسقط ضحية من ضحاياه.
ويجذب الموضوع إهتمام أحد الصحفيين والذي يملك مدونة على الانترنت فيبدأ في تتبع أثر الفيروس ويعقد لقاءات مع الأطباء فلا يجد لديهم إجابة شافية ، وما زال الزوج يحاول معرفة سبب وفاة زوجته وإبنه الصغير أيضا الذي قضى نحبه بنفس طريقة وفاة والدته ليصبح الزوج وحيدا فتأتي إبنته من الزوجة الأولى لتعيش معه ، وتسود المدينة الأمريكية حالة من الفزع والتخبط خاصة عندما تعلن الإدارة الأمريكية عن وجود مصل شافي من المرض لكنه غير متوفر بالقدر الكافي فيبدأ الصراع بين الناس من أجل الحصول عليه وتجتاح المدينة حالة من العنف.
يكتشف الزوج أن زوجته قضت ليلتها مع رجل أخر ويتضح أنه كان يعلم بعلاقتها تلك ويبذل كل جهده من إجل حماية إبنته حتى لا تنتقل العدوى إليها ، وفي الصين والتي ينتشر بها المرض تتعرض مندوبة منظمة الصحة العالمية للإختطاف حتى يتم إرسال المصل الشافي .
وتنتهى الأحداث بمشهد تسلسلي يوضح كيف إنتشر الوباء وإرتباطه بالخنزير والخفاش وكيف بدأ الأمر من مجرد ملامسة وتصافح وتقارب ليصبح وباء قتل ملايين البشر.
Contagion  “العدوى" بطولة كيت وينسلت في دور مساعدة الطبيب المصابة ومات ديمون في دور الزوج المخدوع وجوينث بالترو في دور الزوجة المصابة وجود لو في دور الصحفي....الفيلم يضم نخبة من كبار النجوم ويعرض في أغلب دور العرض السينمائي في الكويت.

الخميس، 20 أكتوبر 2011

حوار باسل الدوسري

الوحيد الذي يقدم هذا الفن على مستوى الوطن العربي
باسل الدوسري لـ"الدار":فن الكلام من البطن غير مستقبلي
·       إنتهجت فنا غير معروف في الوطن العربي و درست علوم الكمبيوتر
·       "جيف دانام" جعلني أزداد عشقا وولعا بهذا النوع من الفن
·       أنفقت مبالغ طائلة على هذه الدمي فهي غالية جدا ولا تباع إلا في أمريكا
·       "مزيون" أقرب الدمي إلى قلبي فهو أغلاهم ثمنا وليس له شبيه في العالم
·       أخطط لتقديم "شو" إستعراضي على غرار ما يقدم في امريكا
ياسر صديق                                                                تصوير:علاء أبو الندى
" مزيون" و "حمادين" و "الحاج نوفل" وغيرها من الشخصيات...قدمها هو ...تفاعل معها ، عايشها...سافر إلى أقاصي الأرض من أجل الوقوف على صنعها ، تعرف على عرابيها وروادها ، هو الوحيد على مستوى الوطن العربي الذي نجح في فك طلاسم هذا النوع من الفنون ، لكنه لم يفك طلاسمه فحسب ، بل شرحها وفندها وتقدم فيها متفوقا حتى على بعض أبناء بلد المنشأ لهذه الموهبة ، إنه باسل الدوسري...فنان الكلام البطني الوحيد والمتفرد في وطننا العربي بدون منازع يحمل في داخله مرارة التجاهل من المسؤولين ...أماله وأحلامه تسبقه ...إلتقته جريدة الدار وكان لها معه هذا الحوار:

كيف يعرف باسل الدوسري نفسه؟
أنا مواطن كويتي فنان إنتهجت فنا غير معروف في الوطن العربي درست علوم الكمبيوتر لكنني أحببت الفن ومارست فن التمثيل في بداياتي غير أنني لم أستطيع تحقيق ما أريده فبحثت لنفسي عن نوع أخر من الفنون ، فدخلت عالم فن خفة اليد أو كما يسمونه الألعاب السحرية غير أنني أحسست من الوقت أنه فن كاذب يقوم على خداع الجمهور طيلة الوقت فانصرفت عنه ووجدت نفسي أميل لفن الكلام البطني عن طريق متابعة نجوم ذلك الفن من الأجانب ثم أحترفته إبتداءا من عام 2008 .
ما الذي جعلك تتوقف عن التمثيل وتتجه إلى فن الكلام البطني؟
ظللت ثلاث سنوات كممثل ولكني لم أحقق ما كانت نفسي تصبو إليه ، وبدأت التمثيل وانا عمري 19 عاما ، وشاركت في مسرحية مخروش طاح بكروش ومسرحية سيف العرب ومسرحية خمسة وخميسة بأدوار بسيطة جدا وكان ذلك بين عام 91 و 94 وشاركت في مسلسل الخروج من الهاوية وحكايات من التراث الشعبي عام 94، الا انني لم احصل على اي دور يمكنني من عرض قدراتي في التمثيل وأعترف أنني لست من الذين في مقدورهم التسويق لأنفسهم وذلك بحكم طبيعتي الخجولة بعض الشيء.

ما الفرق بين فن الكلام البطني وفن عرائس "الماريونت" أو الأراجوز المصري الشهير؟
عرائس الماريونت فن مختلف، والأراجوز المصري قائم على الفن الفلكلوري المصري  أما انا فأسير على ما تعلمته من التراث الغربي المعاصر، وفن الكلام البطني فن قديم لكنه بدأ بالظهور بصورته الحديثة مع بداية القرن الماضي حيث ظهر الفنان الامريكي "ادقر برجن" وقام بعمل مجموعة من الافلام الكوميدية بمشاركة شخصيته (دميته) التي اشتهرت بإسم"شارلي مكارثي" ولحقه بذلك الكثيرين.
آلا تفكر في تقديم برنامج يروج أكثر لك ولهذا النوع من الفن؟
بالطبع فكرت وما زالت أفكر ولكن علاقاتي وإمكانياتي لا تصل إلى درجة بناء برنامج متكامل فأنا أنفقت مبالغ طائلة على هذه الدمي فهي غالية جدا ولا تباع إلا في أمريكا ،وانا احتاج فريق عمل متكامل حتى يخرج البرنامج أو الإستكتش بشكل جيد فانا حتى الآن وكل ما قدمته تم بشكل فردي تماما.
هل في أي جهة تمول باسل الدوسري؟
للأسف لا توجد أي جهة تقدم لي أي دعم فانا حصلت على قرض أنفق منه على فني هذا .
أقرب دمية من هؤلاء إلى قلبك؟
"مزيون " هو أقربهم إلى قلبي رغم أني أول ما وقعت عيناي عليه لم أحبه ، ولكنه أغلى دمية وصممه فنان شهير في كاليفورنيا وفي هوليوود على وجه التحديد ، وهو مميز وليس له شبيه على مستوى العالم ولك أن تعرف أنني حصلت على قرض مخصوص لشراء "مزيون".

كيف يخطط باسل الدوسري لفنه ومستقبله؟
أخطط لتقديم "شو" إستعراضي على غرار ما يقدم في امريكا ، برنامج لايف أتعامل فيه مع الجمهور ويكون رد الفعل فوري ، وهناك جهات فاوضتني لتقديم "شو" خارج الكويت مثل الإمارات وقطر ولكنني لم أحسم أمري بعد خاصة وأن العروض جاءت بعد خروجي خاسرا من برنامج "أراب جوت تالانت" رغم أن حلقتي إستحوذت على أعلى درجة تحميل على اليوتيوب.
هل تتهرب من طبيعتك الخجولة وراء الدمية؟
نوعا ما فأنا عندما أقدم شيئا تكون هناك قناعة داخلية أن من يقول هذا الكلام ليس أنا وإنما "مزيون" لهذا أجد راحة في التعامل مع الدمي لأنهم يجعلوني أقول ما لا أستطيع بطبيعتي الخجولة أو أقوله.

موقف أحزنك وله علاقة مباشرة بما تقدمه من فن؟
أحزنني جدا ككويتي مشارك في"أراب جوت تالانت" أن تقوم شركة كويتي معروفة باظهار دمية رخيصة في احدى دعاياتها ولم يفكروا حتى بالطلب مني او بمخاطبتي للمشاركة بالدعاية، بالاضافة الى انهم عملوا دعاية لأحد مشاركي البرنامج من غير الكويتيين! كما انه كان هناك نوع من التجاهل الاعلامي لما اقدمه، وتنطبق علي مقولة "لا كرامة لنبي في وطنه"  وإذا إستمر هذا التجاهل فسأنفذ نصيحة الأصدقاء الذين أشاروا على أن أقدم فني خارج الكويت.

سلطان الغيرة

حوار مهلهل وأداء ثقيل وروح دعابة مفقودة
"سلطان الغيرة" ...موليير يذبح على مسرح الدسمة مع سبق الإصرار
·       فرقة المسرح العربي أهدرت كرامة "موليير"
·       الأداء سيء والحوار طويل والسرد ممل والجمل مكررة
·       الإضاءة كانت البطل الأوحد للعمل والرؤية الإخراجية منعدمة
ياسر صديق
أهدرت فرقة المسرح العربي وممثليها كرامة الكاتب العالمي "موليير" على خشبة مسرح الدسمة ضمن فعاليات مهرجان أيام الشباب في دورته الثامنة ، بقصة مشوهة الأحداث وسرد ممل وممثلين حاولوا وليس لهم شرف المحاولة إصباغ الجو الكوميدي على الأداء فجاء ثقيل الظل مفتعلا ، لنفاجأ بإنتهاء العرض بدون بداية تذكر ولا نهاية تدرك.

"سلطان الغيرة" تروي قصة رجل سكير يهرب إلى الخمر لينسى كرامته المهدورة على يد زوجته المتسلطة ، ليفاجأ برجل يعمل كناس يخبره أنه مهنته كناسا لكنه يحمل شهادة الدكتوراه ليدخلان في نقاش غلب عليه الإطاله .
والزوجة ترى أنها مظلومة بزواجها من زوج سكير لاهي غير قادر على تحمل مسؤولية بيت يدور على الحانات ويفترش الطرقات وترى في هذا دافعا لترطب مشاعرها مع شاب رومانسي يهديها الورود ويقف تحت شباكها طالب الود والحب.

تخرج الزوجة لتروح عنه نفسها ذات ليلة باردة وتعود لتجد زوجها داخل البيت على غير عادته ويرفض دخولها المنزل غاضبا من تأخرها حتى ذلك الوقت ، وبالحيلة والمكر تستطيع أن تدخل البيت وتطرده منه ويأتي الكناس متدخلا لينزع فتيل الشجار بينهما بعبارات تظهر مدى ثقافته وإطلاعه بأسلوب كان المقصود منه إضفاء جو الكوميديا فجاء الحوار مهلهلا وثقيلا.
يجلس الزوج يندب حظه العاثر وقلبه المكسور وكرامته المهدورة على الدوام فيرق قلب الزوجة وتراجع نفسها وتربت على كتف الزوجة واعدة أن هذا سيكون آخر المشكلات ومنتهى الآزمات بينهما ليتدخل الكناس بإطلاق عبارة من عباراته لينتهي العرض بكلمة يطلقانها سويا الزوج والزوجة في وجه الكناس "إخرس" .

إبراهيم نيروز الذي قدم دور الرجل السكير وأرى أنه لا يعلم عن السكير شيئا سوى أنه يترنح طيلة الوقت ويتوقف عن الترنح ليتحدث ثم يعاود الترنح لا أكثر ولا أقل.
عبد الله الحسن الذي قدم دور الكناس به طاقات تمثيلية تبشر بممثل واعد غير أن حواره كان طويلة ومعادا ومكررا مما أفقده خفة الظل التي كان ينشدها.
منار الجار الله في دور الزوجة ، ممثلة مجتهدة تصلح لأدوار كوميدية مكتوبة بشكل أفضل من هذا فلقد ظلمها الحوار بشكل قاتل وجعل أدائها مفتعلا إلى حد كبير.
فهد حمود في دور العاشق ذو الورود الحمراء ، ساعده صغر حجم دوره وأدائه الثابت الغير مفتعل في ترك أثر طيب لدى الجمهور.

الإضاءة هي الحسنة الأولي والأخيرة في "سلطان الغيرة" ولها الفضل في إضفاء بعض السحر على خشبة المسرح وإزكاء روح الإبهار على المشاهد الروتينية والحوار الباهت خاصة مع الرؤية الإخراجية المنعدمة تقريبا.
"سلطان الغيرة" قدمتها فرقة المسرح العربي من تأليف موليير وإخراج عبد العزيز صبر وديكور جاسم خريبط والإضاءة للمبدع حسن رئيسي وبطولة إبراهيم نيروز ومنال جار الله وعبد الله الحسن وفهد حمود.

الثلاثاء، 18 أكتوبر 2011

أنا وصديقي 12

أنا وصديقي 12
سألت صديقي..أتركت بداخلك شيئا...قال نعم...يد مسكورة وعقل مشوش
إفتقدت صديقي كثيرا الفترة الماضية ، تقريبا لم أره من بداية الشهر الجاري ، إفتقدته زوجتي أيضا خاصة في أوقات شجارنا خاصة وأنها ملاكها الحارس الوحيد الذي يأخذ صفها ويدافع عنها ، وابنتي دائمة السؤال عنه ، فهو خبير في فن التصابي والنزول بعقله وجسده ناحية الأطفال فيكثر من ضحكه معهم ولهوه حولهم ، وكنت كلها سألته عن كيف يأتي بالصبر وطولة البال لملاعبة الأطفال وملاطفتهم يجيبني : لم أكن صبورا أو طويل البال يوما لكنني أحب الأطفال ورسولنا الكريم يقول "من كان له صبيا فليتصابى له" فكنت أصمت وقد إفحمتني إجابته ، إنشغل صديقي عني منذ بداية الشهر بعمل متواصل ، هو صحفي ، متخصص في الفنون هكذا يرى نفسه وهكذا أراه انا تتحمس زوجتي لما يكتبه وتهلل إبنتي فرحا عند قراءتها لحواراته الفنيه رغم أنني أكاد أجزم أنها لا تفهم شيئا مما يكتب لصغر سنها غير أنها شديدة التعصب له كتعصب الأهلاوي للفانلة الحمراء أو لأبو تريكة ، وبحكم عمله الذي أوضحته سلفا أنهمك صديقي في تغطية مهرجان مسرحي ، كلما إتصلت عليه إما لا يجيبني أو يجيبني وبجواره ضجيج وشديد فلا أسمع أو يسمع مني شيئا أو أهاتفه فيجيبني بصوت منخفص أنه يتابع إحدى المسرحيات وسيهاتفني فور أن تنتهي وعند إنتهاء المسرحية يعود صديقي للبيت منهكا غالبا فيكتب مقاله عن ما شاهد وينساني من فرط تعبه...وينام...هذا هو تخميني ، قالت لي زوجتي : إتصل به وادعوه على العشاء الليلة ، أجبتها: بل تدعوه الصغيرة فهو لا يستطيع أن يرد لها طلبا...جعلت فتاتي تتصل به قالت له :إشتقت إليك يا عماه...سمعته يجيبها : سأتيك على الفور حبيبتي...أنهمكت زوجتي طيلة اليوم في إعداد العشاء وبعض الشطائر إحتفاءا بالضيف الأخ...وجلسنا ننتظره.
كعادته...جاء في ميعاده ...لما يتأخر...عودني صديقي وتعودت عليه أنه شديد الإنضباط في مواعيده ، دخل صافحني وحمل الصغيرة وقبلها من جبينها وقبلته هي أيضا صافح زوجتي بحرارة وهي كذلك...جلسنا نتحدث ونسأله عن أحوال المسرح هنا أجابنا بعين المتخصص وهو كذلك حقا وإبنتي تستمع لما يقوله بدهشة رغم أنها لا تفهم شيئا كما قلت سابقا ، سألته زوجتي: هل تابعت ما حدث في مصر في الفترة الأخيرة؟ صديقي : كل الدنيا تابعت ، زوجتي : وما تعليقك؟ صديقي: مصر تمر بمرحلة مخاض صعبة ورغم الوجع داخل كل مصري لما جرى من فتن ووقيعة بين المسلمين والأقباط إلا أنني علت يقين تام من أن مصر ستعبر فوق كل هذا...زوجتي مندهشة : ومن أين أتيت بهذه الثقة ؟ صديقي مبتسما بهدوء: من التاريخ ...إقرأي التاريخ لتعلمي ماذا سيحدث مستقبلا...المعدة المصرية قادرة على هرس ومضغ كل الصعاب..قد تنكسر لحظة أو لحظات أو سنة أوسنين لكنها بعون الله وفضله تعود أفضل مما كانت وانا أثق بعدل الله...قطعت إبنتي الحوار بأن قفزت فوق ساق صديقي تلاعبه ويلاعبها وقامت زوجتي تعد طعام العشاء ...جلسنا تعشينا ...كان يحب طعام زوجتي وكانت هي تسعد بذلك نظرا فقد كان يعوضها عن كمية السخرية والتهكم التي تنالها مني بسبب طعامها الذي أحبه لكنني كنت أظهر لها عكس ذلك دائما من باب المزاح الذي كانت تكرهه دائما.
إنتهينا من العشاء...جلسنا في الشرفة مستغلين تحسن الجو الملحوظ هذه الأيام...دار حديث طويل حول مصر وأخبارها وتصريحات السياسيين المبكية حينا والمضحكة غالبا ....ملت على صديقي أسئله ...كيف حال المحبوبة؟؟ نظر صديقي إلى بنظرة خاوية وقال:أي محبوبة؟ نظرت إليه متعجبا وقلت:صدييقييييي مساء الخير...فتاتك الغامضة...محبوبتك الغالية...تلك التي ذهبت في غموض ولم تأتي....نظر إلي صديقي نظرة هادئة وأجابني: تزداد غموضا يوما بعد يوم ...إلتقطت زوجتي طرف الخيط وسألته في لهفة:هل علمت عنها شيئا ...إلتقط صديقي السؤال وقال مجيبا وعينه في عيني أنا : إنها هنا يا عزيز...معنا هنا وليست هناك...تراجعت زوجتي بكرسيها مندهشة وأرتعش فنجان قهوتي في يدي من فرط المفاجأة...كنت أسأله عن حالها وانا على يقين أنه سيجيبني كما تعودت بأنه لا يعلم عنها شيئا وأنها ما زالت كذا وكذا ويبث لنا أوجاعه ....وفقط....لكنه زلزلنا...سألته غير مصدق: هنا أين؟ أجابني بنفس الصوت الهاديء:هنا في تلك البلدة...ليست حيث كنت أظنها ...سألته زوجتي في دهشة مماثلة لدهشتي:وكيف عرفت؟ صديقي بصوت عميق: تحدثنا بطريقة ما وأخبرتني أنها هنا ...قلت لصديقي غير مصدق : هنا...هنا ولم ترها بعد؟؟ هز صديقي رأسه نفيا في هدوء صامت ثم قال: لا...لم أرها حتى الأن!!! نظرت إليه زوجتي بنطرة عتاب وقالت: وكيف هانت عليك أن تكون هنا ولا تذهب لرؤيتها ؟ نظر إليها صديقي وإبتسم في سخرية قائلا: لا عليكي فقد كنت أذهب حيث وانا لا أعلم أنها هنا ما بالك وانا أعلم أتتوقعين مني آلا أذهب؟؟ زوجتي في حيرة: فلماذا لما ترها إذا؟؟ تنهد صديقي تنهيدة تختلف عن تنهيداته السابقة...وقال: إنني حتى لما أسمع صوتها حتى الآن...تبادلنا الرسائل وعرفت من خلالها أنها هنا ، وفور علمي بذلك طلبت منها الزواج الفوري وأن نتجمع تحت سقف واحد وكفانا فراق...بدت مرتبكة خائفة من الماضي السخيف...حاولت تبديد خوفها ...وظننت أنني قد نجحت في ذلك...طلبت رؤيتها فاجابتني أنها مسافرة مضطرة في رحلة إلى دبي وستعود بعد أسبوع على أكثر وبعد من الممكن أن تقابلني...قاطعت صديقي مستنكرا: ماذا تقول!!!!! تفترقان كل هذا وتقول فيها ما قلت وتحكي عنها ما جعلنا نراها القديسة جان دارك وعندما تتجمعان في بلد واحد تطلب رؤيتها فتؤجل لحين عودتها من سفر آخر!!!!!!!! نظر إلي صديقي نظرة خاوية لا تحمل أي معنى وأجابني: هذا ما كان ...طمأنتني برسالة أخبرتني فيها أنها فكرت وتوصلت إلى أن زواجنا هو أبسط حقوقنا ولا يمنعنا شيء عن ذلك ورددت عليها أنني في إنتظار عودتها للبدء في ترتيبات الزواج على الفور ..... و....فقط...... زوجتي في دهشة: فقط ماذا؟؟؟؟ صديقي بنفس الصوت الهاديء: فقط...إختفت مرة ثانية كعادتها ...قالت لي أسبوعا وأعود ومرت أسابيع ...كتبت إليها سائلا مستفسرا مرة ومرتين وثلاث ولم ترد ....سألت صديقي:هل من الممكن أن تكون ما زالت حيث سافرت ؟؟ صديقي بنبرة ساخطة غاضبة: حتى لو كان هذا صحيحا لماذا لا تراسلني؟ لماذا لم تحاول حتى الإتصال بي؟ لماذا لم ترد على أي مما كتبت لها؟؟؟؟ وعموما يا صديقي...هي هنا وليست هناك ...نظرت إلي زوجتي في دهشة وبادلتها نفس النظرة...ماذا يحدث...إننا لا نفهم شيئا ...هل كان صديقي يحكي لنا عن أكذوبة من خياله؟ هل كان يبالغ في كلامه عنها!!! هل كانت تحبه كما أحبها هو!!! وكيف لها أتفعل ما تفعل لو كانت أحبته حقا!!! دارت كل هذه الأسئلة في رأسي ونظرت إلى صديقي فوجدته ينظر إلي مبتسما وكأنه قد قرأ أفكار وأجابني: لا تحير نفسك يا صديقي فالشخص الوحيد الذي في إستطاعته الإجابة عن كل هذا ..هي وحدها...وهي لا تريد أن توضح أو تفسر...وهذا شأنها ...إنها إختيارات وهي إختارت بإرادتها .....سألته زوجتي مشفقة: هل حاولت الإتصال بها بعد أن علمت أنها قد عادت؟ نظر إليها صديقي غاضبا وقال: أتصل بها!!! ماذا تقولين!!! الحب لا يحتاج إلى طرف واحد يبحث ويسأل ويتصل ويحاول لم الشمل والطرف الأخر يهرب ويتمنع ويخاف ويتعلل دائما..الحب علاقة بين طرفين....لقد عرضت عليها الزواج وأنتظرت عودتها وبعثت لها بأكثر من رسالة لم تجيبني على أي منهم...وسافرت وعادت ولم تهتم بأي رد...فأبحث عنها أنا....صمت صديقي قليلا ثم قال بسخرية مريرة:أتعلمين...تخاصمنا مرة منذ شهور لأنني عدت إلى البيت مرة ولم أراسلها وأقول لها أنني في البيت...فسرت هذا على أنه عدم إحترام لها وقلة تقدير مني...ولم أغضب حينها بل إلتمست لها العذر ولم أتركها حتى صالحتها...والآن...تسافر هي وتغيب ولا ترد على أي شيء يطمئنني عليها وحتى عندما عادت لما تسأل أو تهتم...كيف تفسرين هذا؟؟؟ أجابته زوجتي في سخط: أفسره بأنها ملتوية التفكير ولا تبادلك حبا بحب إنها فتاة غير واضحة ولا تدري ماذا تريد وكان من الأشجع منها إن كانت لا تريدك أن تخبرك بهذا مباشرة ....لماذا هذا الإلتواء؟؟ صمت صديقي وهز رأسه إيجابا لما تقول ولم يعلق....تنازعت بداخلي مشاعر الغضب وقلت له:صديقي إسمعني جيدا...إن المرأة لا تفعل كما فعلت تلك اللي أحببت سوا لثلاثة أسباب...إما أنها قد توقفت عن حبك وهذا وارد ولكن الغير مقبول آلا تخبرك بذلك...وإما أن يكون في حياتها شخص أخر وهذا أيضا حقا ولكن المخجل آلا تخبرك بذلك...أو تكون عادت إلى حياتها السابقة وهذا شأنها ولكن يبقى نفس السؤال الخانق...لماذا لم تخبرك؟؟ هل ظنت منك وقد عرفتك لسنوات أنك ستطاردها حبا حتى لو علمت أنها أختارت حياة أخرى بعيدا عنك؟؟؟...نظر إلى صديقي نظرة طويلة وقال: لقد عرفنا بعض لسنوات وكنا أوضح لبعضنا من قلوبنا...هل تغير بضع شهور ما تحقق في سنوات؟؟؟ أجبت صديقي: مع المرأة يتغير الجال في بضع ساعات يا صديقي وليس بضع شهور....نظرت إلي زوجتي نظرة غاضبة وقالت: ليس كل النساء تلك الفتاة المرتبكة الغامضة ....هززت لها رأي ضاحكا وموافقا وقلت: وهل في النساء مثلك يا حبيبتي...إبتسم صديقي لحديثنا ثم قال في شرود:أتعلم ما أوجعني حقا؟ سألته : ماذا ...قال بنفس اللهجة الشاردة: منذ بضعة أيام توقفت أمام سيارتها...وإقتربت منها...وقفت أتأمل تلك السيارة التي طالما جمعتنا سويا...كنت قد أهديتها قلادة وعلقتها في سيارتها على سبيل الهدية وقتما إشترتها حديثا...لم تكن تلك القلادة موجودة...وتساءلت...هل تخلصت من أي شيء قد يذكرها لما كان بيننا؟؟ هل فعلت؟ ولماذا؟ ...قالت زوجتي في غضب: إنساها والنساء غيرها كثير ولو أردت أزوجك من الغد....عقبت على قول زوجتي قائلا: يا صديقي أن من تفعله لك الفتاة لا يقول أنها تحبك...أنظر لنفسك...ظللت تتحدث عنها لأشهر وتبحث عن أي شيء يوصلك إليها ...كنت تجعل قلوبنا تنفطر كلما حكيت عما كان بينكم...وأنظر إليها هي...مختبئة...تهرب منك...تكون هنا معك ولا تفكر أو تشعر بالشوق لرؤياك..هل قارنت بين حبك لها وحبها لك يوما ؟؟ هذا إن كانت تحبك!!!!!! أجابني صديقي بنبرة شاردة: لكنها فعلت من اجلي الكثير....أجبته في ثقة: قد تكون فعلت هذا في وقت مضى ولكن الآن وبعد أن مرت الشهور إنقلب الحال وتبدل القلب بغير القلب وتحول الحب إلى مجرد ذكرى وتعودت على آلا تراك ويخيل لي أنها تريد أن تكمل حياتها بدونك وكل تصرفاتها تقول ذلك...أدار صديقي ظهره لي ونظر إلى الخارج وقال غاضبا: ليتني لم أعرف أنها هنا...ليتنا لم نتحدث من جديد...تمنيت أن أحتفظ لها بالصورة التي كنت أرسمها لها...تمنيت لو ظللت أحكي عنها بعين المحب العاشق لأنسانة لم أقابل مثلها قط...لقد شوهت بتجاهلها لوحة رسمتها بقلبي ...ما الذي تغير؟؟ هل فعل بها الخوف كل هذا؟ هل الماضي بسخافته قد جعلها تفعل ما تفعل...أم أنها لم تعد قادرة على مواصلة ما كنا بدأناه؟؟ أجبته في غضب وعصبية رغما عني: أي ماضي الذي تتحدث عنه ؟ هذا الماضي إن كان يخيفها فهي التي سمحت له أن يفعل...وهذا الذي بدأتموه سويا كان على الأرجح من صنع خيالك لأنه من الواضح أنها لا تتذكره...هز صديقي رأسه موافقا ومتألما...وأستأذن في الإنصراف...قالت زوجتي..إبقى معنا قليلا...أجابها:بل أنا متعب وأريد الراحة ...من العمل...ومن كل شيء....إتجه صديقي إلى الباب فسألته مشفقا: هل تركت ذكريات يا صديقي بداخلك؟؟ إلتفت إلي صديقي وقال بصوت خافت حانق غاضب: نعم تركت لي يد مكسورة وعقل مشوش ......وصفق الباب منصرفا.......
لم أقابل تلك الفتاة يوما ولم أعرفها...سمعت عنها حتى تخيلتها أمامي كثيرا...لكنها قد فعلت ما لم أستطع فعله طيلة خمس شهور...حاولت خلالها أن أجعله ينساها وفشلت بإمتياز...كنت كلما حاولت أجدها يعشقها أكثر من ذي قبل...لكنها نجحت في ذلك...تجاهلته ...بادلته حبا بصمت وعشقا بإختباء ....فكان لها ما أرادت...لم أعرفها حقا ولكن الذي أعرفه جيدا وموقن منه تماما...أنها أيا كان إسمها قد خسرت رجلا...وقلبا...أحبها حبا كنت أظنه ذاب في زحام عصرنا هذا.
وما زال للحديث مع صديقي بقية

أرض السوق

قضية التفريط الآزلية
"أرض السوق"...عطاء من لا يملك لمن لا يستحق
·       قصة العرض هي البطل الحقيقي للعمل فالممثلون كان أدائهم دون المستوى
·       بائعة اللبن هي فتاة كل العصور التي يكون دمها مدادا على الأرض المنهوبة
ياسر صديق
تتواصل فعاليات مهرجان أيام المسرح للشباب في دورته الثامنة على مسرح الدسمة تحت رعاية الهيئة العامة للشباب والرياضة ، وتقدم لنا فرقة ليدرز المسرحية عرض "أرض السوق" والذي أخرجه عبد الله النصار وتأليف هديل الفهد وبطولة ليالي وحسين العوض ومحمد أكبر وحمد عادل وعبد الرحمن حسين وعباس جمعة.

"أرض السوق" عرض مسرحي يحكي قصة قرية تتمحور أحداثها حول السوق وإذا أردنا الدقة ...حول قطعة الأرض التي بني عليها السوق ، وبين الحلاق وبائع الفاكهة وبائعة اللبن يدور حوار حول فقر الحال وضعفه وضيق ذات اليد ومحاولة الفكاك من حالة الحرمان اللامتناهي في كل شيء ، ويأتي الحاكم بهيئته المعهودة ، رجل ضخم الجثة أجوف التفكير يبحث عن التفخيم والتعظيم على الدوام ورئيس حرسه الذي يستغل منصبه لتحقيق أكبر قد من الثروة والمال ، ثم يأتي غريب إلى القرية ويعرض على حاكمها أن يشتري أرض السوق بالثمن الذي يرضيه فيخلي الحاكم بين البائع والشعب وهم يقررون مصير سوقهم ، يعترض بائع الفاكهة على بيع السوق وكذلك الحلاق وتنضم إليهم بائعة اللبن ، وعندما يقبل الليل يتسلل كل واحد منهم إلى الغريب ويبيع له نصيبه طمعا في المال ، إلا بائعة اللبن التي تتمسك بموقفها وتعلن رفضها وسخطها وتنادي في الناس بالتظاهر فيتبعها البسطاء والفقراء فما كان من المتواطئين إلا أن قتلوها في مشهد يبدو مألوفا إلى حد كبير في واقعنا المعاصر.

يدور حوار بين الغريب ورئيس الحرس لنكتشف أن الأول يبيع الأرض لصالح الثاني لنكتشف اللعبة المكررة على الدوام ، صاحب السلطة الفاسد الذي من المفترض أن يحمي شعبه فيتأمر على قوت يومه لينتهي العرض بجثة بائعة اللبن المددة على خشبة المسرح.
قصة العرض هي البطل الحقيقي للعمل فالممثلون كان أدائهم دون المستوى وكانت الموسيقى التصويرية في أغلب الوقت أعلى من أصوات الممثلين والرقصات والإستعراضات جاءت متخبطة وغير مدروسة وعشوائية.

"أرض السوق" هي قصة الأمس واليوم وغدا ، قصة أن يبيع من لا يملك لمن لا يستحق ، هي قصة كل الشعوب العربية على السواء ، وبائعة اللبن هي فتاة كل العصور التي يكون دمها مدادا على الأرض المنهوبة ، بائعة اللبن هي محمد أبو سويلم في قصة الأرض للقدير حسين الشرقاوي ، وهي القديسة جان دراك ، وهي المجاهدة جميلة بو حيريد ، وهي الشهيدة سالي زهران ....بائعة اللبن هي شمعة كل يوم التي لا تنطفيء أبدا.
عندما جلست أتابع عرض "أرض السوق" ، جال في خاطري أبيات شعرية رنانة للشاعر العظيم نزار قباني من رائعته "راشيل" عندما قال:
ومات والدي العظيم
مات...ويده مشدودة شدا إلى التراب
فليعلم الصغار ...العرب الصغار حيث يوجدون
من ولدوا منهم  ومن سيولدون
ما قيمة التراب
لأن في إنتظارهم...معركة التراب.

الاثنين، 17 أكتوبر 2011

أنتيكا


إلى من كنت أظنني عنده غير ذلك...وكنت مخطئا...إلى من إحتسبته لدي أقرب من ذلك...وكنت لاهيا..إلى من من إنتظرت عودته..فعاد بجسده وترك قلبه حيث كان...إلى من أعياني البحث عنه وأعياه القرب مني...أقول...وأردد كلمات تلك الأغنية...موجعة..معبرة...ملخصة لحالي....