الثلاثاء، 18 أكتوبر 2011

أرض السوق

قضية التفريط الآزلية
"أرض السوق"...عطاء من لا يملك لمن لا يستحق
·       قصة العرض هي البطل الحقيقي للعمل فالممثلون كان أدائهم دون المستوى
·       بائعة اللبن هي فتاة كل العصور التي يكون دمها مدادا على الأرض المنهوبة
ياسر صديق
تتواصل فعاليات مهرجان أيام المسرح للشباب في دورته الثامنة على مسرح الدسمة تحت رعاية الهيئة العامة للشباب والرياضة ، وتقدم لنا فرقة ليدرز المسرحية عرض "أرض السوق" والذي أخرجه عبد الله النصار وتأليف هديل الفهد وبطولة ليالي وحسين العوض ومحمد أكبر وحمد عادل وعبد الرحمن حسين وعباس جمعة.

"أرض السوق" عرض مسرحي يحكي قصة قرية تتمحور أحداثها حول السوق وإذا أردنا الدقة ...حول قطعة الأرض التي بني عليها السوق ، وبين الحلاق وبائع الفاكهة وبائعة اللبن يدور حوار حول فقر الحال وضعفه وضيق ذات اليد ومحاولة الفكاك من حالة الحرمان اللامتناهي في كل شيء ، ويأتي الحاكم بهيئته المعهودة ، رجل ضخم الجثة أجوف التفكير يبحث عن التفخيم والتعظيم على الدوام ورئيس حرسه الذي يستغل منصبه لتحقيق أكبر قد من الثروة والمال ، ثم يأتي غريب إلى القرية ويعرض على حاكمها أن يشتري أرض السوق بالثمن الذي يرضيه فيخلي الحاكم بين البائع والشعب وهم يقررون مصير سوقهم ، يعترض بائع الفاكهة على بيع السوق وكذلك الحلاق وتنضم إليهم بائعة اللبن ، وعندما يقبل الليل يتسلل كل واحد منهم إلى الغريب ويبيع له نصيبه طمعا في المال ، إلا بائعة اللبن التي تتمسك بموقفها وتعلن رفضها وسخطها وتنادي في الناس بالتظاهر فيتبعها البسطاء والفقراء فما كان من المتواطئين إلا أن قتلوها في مشهد يبدو مألوفا إلى حد كبير في واقعنا المعاصر.

يدور حوار بين الغريب ورئيس الحرس لنكتشف أن الأول يبيع الأرض لصالح الثاني لنكتشف اللعبة المكررة على الدوام ، صاحب السلطة الفاسد الذي من المفترض أن يحمي شعبه فيتأمر على قوت يومه لينتهي العرض بجثة بائعة اللبن المددة على خشبة المسرح.
قصة العرض هي البطل الحقيقي للعمل فالممثلون كان أدائهم دون المستوى وكانت الموسيقى التصويرية في أغلب الوقت أعلى من أصوات الممثلين والرقصات والإستعراضات جاءت متخبطة وغير مدروسة وعشوائية.

"أرض السوق" هي قصة الأمس واليوم وغدا ، قصة أن يبيع من لا يملك لمن لا يستحق ، هي قصة كل الشعوب العربية على السواء ، وبائعة اللبن هي فتاة كل العصور التي يكون دمها مدادا على الأرض المنهوبة ، بائعة اللبن هي محمد أبو سويلم في قصة الأرض للقدير حسين الشرقاوي ، وهي القديسة جان دراك ، وهي المجاهدة جميلة بو حيريد ، وهي الشهيدة سالي زهران ....بائعة اللبن هي شمعة كل يوم التي لا تنطفيء أبدا.
عندما جلست أتابع عرض "أرض السوق" ، جال في خاطري أبيات شعرية رنانة للشاعر العظيم نزار قباني من رائعته "راشيل" عندما قال:
ومات والدي العظيم
مات...ويده مشدودة شدا إلى التراب
فليعلم الصغار ...العرب الصغار حيث يوجدون
من ولدوا منهم  ومن سيولدون
ما قيمة التراب
لأن في إنتظارهم...معركة التراب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق