الأربعاء، 24 أغسطس 2011

"أدم"...عندما تكسر الحبكة الدرامية حاجز المقاطعة

"أدم"...عندما تكسر الحبكة الدرامية حاجز المقاطعة
ياسر صديق
نجاح وفشل مسلسلات رمضان هذا العام تعلقت بنتيجة كنترول "ثورة 25 يناير" ،وجميع الأعمال المقدمة كانت تغازل إما من قريب أو من بعيد ربيع الثورات العربية وهناك الكثير من الأعمال كان سياقها الدرامي يسير في إتجاه يبعد كثيرا عن السياسة وتم إقحام أحداث الثورة فيها إقحاما فجا سخيفا وقد يكون كوميديا ومثيرا للسخرية أيضا،وحسب القوائم السوداء هناك نجوما أضائوا شاشة العرض الرمضانية في الأعوام السابقة إنطفئوا هذا العام  وتراجعوا وأندثرت مسلسلاتهم ولم يلتفت إليها أحد بسبب مواقفهم المخذلة من الثورة والثوار مثل غادة عبد الرزاق وحسن يوسف وطلعت زكريا وعفاف شعيب ... فتصريحاتهم المخزية عن أحداث 25 يناير العظيمة جعلتهم فاقدين المصداقية فيما سيقدمونه بعد ذلك أيا كان حجم الإبداع الذي سيحمله العمل...هم قالوا كلمتهم في الثورة والثوار ...والثوار أصدروا أحكامهم الغير قابلة للإستئناف.
المطرب تامر حسني كان ممن وقعوا في شراك التصريحات المخجلة عن الثورة وكلنا شاهدنا ما تعرض له من إهانة عندما نزل إلى ميدان التحرير ليقنع الثوار بفض التظاهر...الكل شعر بما فيهم تامر حسني نفسه أنه وبعد الثورة قد هوى من قمة نجاحه الذي حصده خلال الإعوام السابقة نتيجة زلة لسانه وجهله بما يدور في مجتمعه.
وعندما أعلنت وسائل الإعلام عن إستعداد تامر لتصوير مسلسل جديد يعرض في رمضان راهن الكل على أن نسبة المشاهدة ستكون صفر وأن مقاطعة أعماله الغنائية والسينمائية ستؤثر حتما على مسلسله القادم حتى أن بعض المقربين نصحوه بتأجيل المسلسل حتى تهدأ الأمور ولكنه أصر على مواصلة التصوير وتم عرض "أدم" في موعده .
جاء العمل مفاجئا للجميع...وكلمة الجميع تعني أن أصحاب القوائم السوداء والبيضاء وكل الألوان جلسوا ليتابعوا ماذا سيقدم المطرب صاحب التصريحات المهدورة والكلمات المشنوقة على أرض الميدان...خاصة وأن هذا أول عمل تلفزيوني للمطرب الذي ظن الجميع أنه كان محبوبا...مسلسل "أدم" كان عاصفا لكل التوقعات...فأداء الممثلين وفي مقدمتهم المطرب تامر حسني مرورا جاء على شكل ماراثون تمثيلي محاكي للواقع بشكل مذهل...والأدهى أن المسلسل لم يلعب على وتر الثورة والثوار ولما يغازل أبطال يناير ، بل تناولت الأحداث قصة شاب بسيط يعمل على دراجة نارية لتوصيل الطلبات للمنازل من أسرة بسيطة توقعه الظروف وحظه التعس في أحداث مريرة تجعله يقف كمتهم وقاتل وإرهابي.
أحداث المسلسل جاءت خفيفة ورشيقة ومتلاحقة وكل حلقة تجعل المشاهد يحبس أنفاسه وينتظر ما سيحدث في الحلقة القادمة.... أداء تامر حسني جاء متسقا ومنسجما مع شخصية الشاب البسيط المقهور المبتسم رغم معاناته وتعرضه لظلم دامس، محمود الجندي نجح في رسم خطوط شخصية الأب الفقير والموظف المتناقض الذي يبرر لنفسه الرشوة ويحلل ما لا يجوز.
مي عز الدين جاء أدائها نمطيا إلا أن باروكة الشعر والملابس أضافا كثيرا من المصداقية على شخصية الفتاة المسيحية الأرستقراطية.
أحمد زاهر بدانتك الواضحة وقصر قامتك تتعارض بشدة مع شخصية ظابط أمن الدولة وإن كانت السماحة وطيبة القلب الغير معهودة على شخصية رجل الأمن جعل المشاهد يتعاطف معك بشدة.
ماجد المصري هو الحصان الأسود خلال أحداث المسلسل ملامحه الحادة وبنيانه القوي وأدائه الثابت طوال الحلقات وعلاقته المذبذبة بزوجته جعلته نموذج لامع لشخصية سيف الحديدي ضابط أمن الدولة السادي القاسي.
درة...ملامحها الرومانسية ساعدها على أداء شخصية حبيبة البطل بشكل مقنع ولكن حذار من الوقوع في فخ النمطية.
قرأت في التترات إسم دينا فؤاد بين أبطال العمل لكنني بحثت عنها طوال الحلقات...ولم أجدها سوى في مسلسل الدالي.
أرى أن الحبكة الدرامية الناجحة والأداء الجيد للمثلين والموسيقى التصويرية البديعة للموسيقار ياسر عبد الرحمن جعلت من مسلسل "أدم" أجمل باقة إعتذار للثوار .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق