الخميس، 9 أغسطس 2012


الصدفة أوقعتها في هوي الفن وناسه
عقيلة راتب...مشروع الديبلوماسية التي تحولت إلى واحة للفن
·       هي كاملة محمد شاكر مواليد 22 مارس 1916 بحي الجمالية
·       حلم والدها أن تصبح ابنته دبلوماسية ولكنها أحبت الفن
·       عرضت علي والدها رغبتها في التمثيل فأخذت علقة ساخنة
·       أعجب بها زكي عكاشة وظل يتابعها حتي في المدرسة الثانوية
·       قررت عمتها أن تختار لها طريق الفن مهما كانت التضحيات
·       خرجت الأفيشات تحمل اسم النجمة الجديدة بالأشتراك مع زكي عكاشة
·       أصيب والدها بالشلل عندما عرف وأخفت عمتها الخبر عن باقي الأسرة
·       إنبهر المطرب"حامد مرسي" بجمالها وموهبتها فقرر أن يتزوجها
·       في "المنحوس" ارتفع ضغط عينيها وفقدت البصر واستكملت التصوير
·       وحصلت علي جائزة عام 1998 قبل وفاتها

إعداد: ياسر صديق
هي...
 بصفته رئيس قسم الترجمة بوزارة الخارجية راح والدها يحلم بأن تدخل ابنته السلك الدبلوماسي لكن الصدفة هى ما أوقعتها في هوي الفن وناسه الذين اكتشفوا فيها موهبة كبيرة راحت تتفجر تارة علي مسرح المدرسة وأخري أمام العملاق علي الكسار حتي أصبحت نجمة منطلقة في سماء الفن وهي لم تتجاوز الرابعة عشرة من عمرها..
إنها كاملة محمد شاكر الشهيرة باسم"عقيلة راتب" التي ضحت بعطف الأب ودعم الأسرة والوظيفة المرموقة في سبيل الفن بعد أن عشقته غناء وتمثيلاً ووهبته في المسرح والسينما والتليفزيون عطاء امتد لأكثر من نصف قرن لدرجة أنها ظلت تمثل حتي بعد أن كف بصرها.
أسمها الحقيقي "كاملة محمد شاكر " من مواليد 22 مارس 1916 بحي الجمالية، كان والدها رئيساً لقسم الترجمة بوزارة الخارجية وطالما حلم بأن تصبح ابنته دبلوماسية ولكنها أحبت الفن.. كانت صاحبة موهبة كبيرة وصوت جذاب وشكل جميل وقوام رقيق .. ومع كل هذا كانت صاحبة شخصية قوية .. بدأت العمل في الفن عام 1930 وكان عمرها 14 عاماًُ فقط.

مسيرتها الفنية
بدأت في نهاية العام الأول من دراستها الأبتدائية عندما حضرت الحفل الختامي الذي كانت تقيمه المدرسة وانبهرت بزملائها وهم علي المسرح .. ومنذ ذلك اليوم أصبحت تلميذة مدرسة التوفيقية القبطية عاشقة للفن، وقررت أن يكون مجالها في المستقبل .. وعند انتقالها للصف الثاني اقتربت من فريق التمثيل وكانت تتابعهم في البروفات وطلبت من مدرس الفريق الأنضمام للفريق فطلب منها ورقة مكتوبة بيد والدها تتضمن الموافقة علي الأنضمام لفريق التمثيل فأصابها اليأس .. وعندما عرضت علي والدها الأمر أخذت علقة ساخنة.
وبرغم هذا لم تكف عن متابعة زملائها وهو يقومون بالتمثيل مع حفظ كل أدوارهم .. إلي أن جاءت الصدفة لتتيح لها أن تقف علي المسرح المدرسي في نهاية العام الدراسي لظروف حدثت لزميلتها بطلة الفرقة وبكل الحب عرضت علي المدرس أن تقوم هي بالدور بدلاً من زميلتها الغائبة، فوافق ووقفت تؤدي الدور بكل نجاح وكان من بين الحاضرين ابن عمها الذي ذهب لوالدها ليخبره.. وعندما عادت إلي المنزل وجدت اجتماعاً عائلياً لعقابها .. ولكن الطفلة صاحبة الصوت الجميل أصبحت منذ ذلك اليوم نجمة المدرسة.
وكان من بين الحاضرين في إحدي حفلات المدرسة الفنان زكي عكاشة أحد أصحاب فرقة "عكاشة المسرحية" فأعجب بها وظل يتابعها حتي في المدرسة الثانوية حيث اشتهرت بصوتها الجميل وعرض عليها أن تنضم إلي فرقة عكاشة فذهبت تسأل والدها عن رآيه فغضب بشدة وكاد يقذفها بكل أثاث المنزل فخرجت إلي بيت عمتها "فاطمة" وعاشت هناك وذات مرة ذهبت عمتها لتسحب أوراقها من المدرسة فوجدت زكي عكاشة يسأل عنها كل يوم فقررت عمتها أن تختار لها طريق الفن مهما كانت التضحيات، وذهب فعلاً لمقابلة عمتها حاملاً معه نص أوبريت "هدي" وتم تدريبها علي الألحان في منزل عمتها وكانت تذهب إلي البروفات متخفية. وقبل عرض الأوبريت ظهرت مشكلة الأسم الذي سوف تظهر به للجمهور فاختارت اسم "عقيلة" صديقتها المقربة والأسم الثاني لأخيها"راتب" الذي مات في أول أيام حياته ليصبح اسمها "عقيلة راتب" .
وخرجت الأفيشات تحمل اسم النجمة الجديدة بطلة أوبريت "هدي" بالأشتراك مع زكي عكاشة وحقق هذا الأوبريت نجاحاً منقطع النظير وأصبحت عقيلة نجمة في سماء الفن في عام 1930 وهي في الرابعة عشرة من عمرها .
ورغم كل هذا النجاح فإنها تعيش في خوف من أن يعلم والدها الذي لم يكن يعرف أن ابنته دخلت عالم الفن وأصيب بالشلل عندما عرف وأخفت عمتها عن باقي الأسرة سبب مرض أبيهم حتي لا يكرهوا "عقيلة" وفي مسرح عكاشة حققت "عقيلة" نجاحاً كبيراً حتي أصبحت فرقة عكاشة من أفضل الفرق الموجودة في شارع عماد الدين، ولفت النجاح الكبير الذي حققته في "أوبريت هدي" أنظار إسماعيل باشا صدقي رئيس الوزراء في ذلك الوقت فذهب مع كل أعضاء وزارته ليشاهدوها لكن نجاحها خلق لها أعداء كثيرين وتسبب لها في مقالب كبيرة لم تستطع أن تحتملها وفضلت أن تترك الفرقة وتتفرغ لرعاية والدها المريض الذي طلب أن يراها يوماً وعندما شاهدها عادت المياه إلي مجاريها.

زواجها
لم تجلس "عقيلة" في المنزل كثيراً فقد طلبها "حامدالسيد" لتعمل مع فرقة "علي الكسار" لإنقاذ الفرقة من الحالة التي تعانيها وأعد لها خصيصاً مسرحية غنائية بعنوان "ملكة الغابة" وفي ذلك الوقت كان الكسار يعاني من أزمة بسبب خلافه مع مؤلفه "أمين صدقي" وانضمت عقيلة لفرقة علي الكسار مع نجوم كبار امثال المطرب"حامد مرسي" الذي انبهر بجمالها وموهبتها فقرر أن يتزوجها.
عقيلة والسينما
في بداية طريقها رفضت الكثير من الأعمال السينمائية خوفاً من أن تغامر بسمعتها الفنية لأن السينما مازالت وليدة في ذلك الوقت كانت "عقيلة" تعيش نجاحها في مسرحية "البكاشة" وهي المسرحية الوحيدة التي ظهر فيها "علي الكسار" بلونه الطبيعي"دون صبغة سوداء" وشجعها وجود المطرب "حامد مرسي" بجوارها، وبالفعل قدمت أول أفلامها "اليد السوداء" معه عام1936 وبعدها توالت الأفلام وبدأت من فيلم "خلف الحبايب" وهو الفيلم الوحيد الذي كتبه "فكري اباظة " وبعدها فيلم " محطة الانس "للمخرج عبد الفتاح حسن وغنت فيه عدة اغنيات .
عن زوجها حامد مرسي
هو من مواليد إيتاي البارود محافظة البحيرة عام 1904 حفظ القرأن الكريم في كتاب القرية ثم التحق بالمعهد الاحمدي بطنطا وتعلم فيه انشاد القصائد والمدائح وبدأ يغني بين اهله واصدقائه حتي عرف بحلاوة صوته .
واول مرة غنى فيها كان في منزل مأمور المركز " بدرخان بك " وهو والد المخرج الراحل احمد بدرخان وجد المخرج علي بدرخان، وكون بطانة من ثلاثة فقهاء واخد يتجول بين القري وحصل له تحول كبير في حياته عندما زار جورج ابيض إيتاي البارود عام 1918 وبعد انتهائه من تقديم الفصل الاول طلب منه مأمور المركز ان يستمع إلي حامد مرسي وقام بغناء اغنية للشيخ سلامة حجازي وفي تلك الليلة اتفق مع جورج ابيض علي العمل معه في فرقته نظير راتب شهري قيمته 25 جنيها ذهبيا .
بعدها بدأ يعمل في القاهرة ثم سافر إلي الاسكندرية وسمع موسيقي سيد درويش واعطاه احد الحانه فكان أول من غني الأغنية الشهيرة "زوروني كل سنة مرة" وظل في رفقته عامين كاملين يغني كل ألحانه وسافر معه رحلة إلي الشام لمدة 7 أشهر كاملة وطوال هذه الرحلة ظل ملتصقاً بـ"سيد درويش".
 وبعد عودته إلي مصر بدأ يعمل في فرقة "علي الكسار" وكان حامد مرسي دونجوان تسعي إليه كل سيدات المجتمع الراقي وتزوج بإحداهن "منيرة هانم كمال" التي هددته بتشويه وجهه بماء النار إذا لم يتزوجها وبالفعل تزوجها وبسبب غيرتها الشديدة طلقها ثلاث مرات، إلي أن جاءت "عقيلة راتب" إلي فرقة الكسار وأعجب بها ودق قلبه لها وأخذ يحبها سراً خوفاً من أن تصده ولم تعرف بحبه لها إلا حين جاء أحد الباشوات المترددين علي مسرح الكسار ليخطبها في المسرح من الفنان علي الكسار الذي كان بمثابة الأب لها، وعلم حامد بهذا الخبر فصرخ في وجه "علي الكسار" وقال له " أنا بحبها يا أستاذ علي"
 كان حامد مرسي المنافس الأول لمحمد عبد الوهاب وأطلق عليه " بلبل مصر" ثم كروان الأمة العربية وكون مع عقيلة راتب "دويتو غنائياً" ضمن فرقة الكسار لمدة سبع سنوات من خلال ألحان "زكريا أحمد" وتم الزواج بينهم وكان الفرح علي المسرح.

طلاقهما
حامد مرسي في بداية حياته بعد الزواج كان منطلقاً وهذا كان يغضب عقيلة لكنها كانت تعيش معه في استقرار وفي يوم قالت له "إيه رأيك ننفصل" فقال لها بهدوء "فكرة كويسة" وتم الطلاق وانتقل للعيش في شقة أخري ولكنه لم ينقطع عن زيارتها هي وابنتهما وفي مرة غاب عن الزيارة فذهبتا إليه ووجدتاه مريضاً فعرضت عليه عقيلة أن يتزوج واحدة تقوم برعايته وبعدها فعلاً تزوج.
وفاته
كان في يوم يزور عقيلة وتعب جداً وكان في ذلك الوقت وحيداً بعد وفاة زوجته.. فقالت عقيلة: " سوف يظل هنا لأنه متعب جداً وأحضرت له الطبيب الذي أمر بالذهاب إلي مستشفي الشبراويشي وقبل رمضان بيوم توفي في المستشفي.

عقيلة والتلفزيون
عقيلة راتب كانت من الفنانات اللائي تعاملن مع التليفزيون في بداية إرساله من خلال مسلسل "عادات وتقاليد" وقدمت فيه 338 حلقة عام 1960 وكانت تؤدي فيها دور "حفيظة هانم" وعندما توقفت حلقاته عام 1976 شعرت بضيق وحزن لأن هذا المسلسل يعالج مشكلات الأسرة المصرية ... وقدمت في مسرح التليفزيون أعمالاً ناجحة منها "حلمك يا شيخ علام" و "الزوجة آخر من يعلم" و "خلف البنات" و" حرم جناب الوزير" و "الزوج العاشر".
وقدمت في فيلم "قضية اليوم" المرأة التي تعمل محامية وتنشغل بعملها وهذا أول فيلم يناقش قضية حق المرأة في العمل ... وهذا الفيلم كان قبل فيلم " الأفوكاتو مديحة" لمديحة يسري و "الأستاذة فاطمة" لفاتن حمامة.
في فيلمها الأول "السوق السوداء" الذي كان يعالج قضية استغلال التجار لحاجة الناس، قدمت "عماد حمدي" لأول مرة كبطل سينمائي، وكذلك قدمت " أنور وجدي" وأعطته البطولة في أول فيلم بطولة مطلقة "قضية اليوم"وكذلك المطرب "فوزي الحو" الذي أقنعت به يوسف وهبي الذي كان يستعد لإخراج فيلم "سيف الجلاد" فكانت بداية الشاب الذي حمل بعد ذلك لقب "محمد فوزي" وأصبح بعدها علامة بارزة في تاريخ الموسيقي والسينما.
مواقف
تحكي عقيلة إنها عندما سافرت مع فرقة "علي الكسار" إلي الشام كان معهم عدد من الروايات فإذا بالجمهور يصر علي رواية "ورد شاه" مع أنها لم تكن في البرنامج وكان الموقف صعباً لأن الرواية نفسها لم تكن موجودة معهم ومعظم الممثلين نسوا أدوارهم فاتفقت أمي مع الكسار والملقن "إبراهيم حلمي" علي محاولة كتابة الرواية من جديد وفعلاً نجحوا وخرجوا من المأزق.
وتعتبر عقيلة راتب أول من أشركت نجوم الرياضة في التمثيل مثل بطل الملاكمة البورسعيدي "عرفه السيد" الذي لعب دوراً مهماً في فيلمها "الجولة الأخيرة" وبعدها توالي دخول نجوم الرياضة إلي السينما أمثال صالح سليم، عادل هيكل، طاهر الشيخ.
وأطلق عليها أهل الفن لقب "معونة الشتاء" لأنها كانت تساعد العديد من الأسر بمرتبات شهرية.
وفيلم "المنحوس" أثناء تصويره ارتفع ضغط عينيها وأجرت عملية جراحية إلا أنها فقدت مع ذلك بصرها تماماً وظلت تستكمل التصوير وهي لا تري.

جوائزها
نالت شهادة تقدير من الملك فاروق، وكرمها الزعيم جمال عبد الناصر في عيد العلم عام 1963 وحصلت علي جائزة أحسن ممثلة في عام 63 عن دورها في فيلم  " لا تطفيء الشمس" وجائزة الدولة في المسرح عام63 عن دورها في مسرحية "حلمك يا شيخ علام"، وحصلت علي جائزة الجدارة عام 78، وكرمها الرئيس أنور السادات أكثر من مرة ومنحها وسام الدولة عام 1978 ومنحتها وزارة الثقافة جائزة الجدارة، ودرع المسرح في عام 1992 ، وجائزة الريادة من جمعية الفيلم وحصلت علي ميدالية طلعت حرب بمناسبة مرور نصف قرن علي صناعة السينما وحصلت علي جائزة من الرئيس محمد حسني مبارك عام 1998 قبل وفاتها.
ومات عقيلة راتب ولم يكن أحدا يسأل عنها إلا شخصاً واحد هو نبيل العشري موظف في بنك مصر.
شرح الصور:
·       أجادت تقديم كل الأدوار
·       تميزت بجمالها اللافت
·       جمالها جذب إليها العديد من الرجال
·       عقيلة في مرحلة الشباب
·       في مشهد من فيلم قديم
·       قدمت كل الأدوار الكوميدية والتراجيدية
·       كانت ملامحها مصرية خالصة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق